-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نحو تضييق الفجوة

عمار يزلي
  • 253
  • 0
نحو تضييق الفجوة

التحوّلات الوطنية في مجال الاقتصاد والرقمنة والتجارة الالكترونية، باعتبارها وسيلة الرهان على التبادل والتواصل والتعامل المستقبلي مع العالم المحلي والعالمي، تعي جيدا حجم العمل المنتظر بغرض تقليص الفجوة الرقمية في هذا المجال، مقارنة مع دول العالم وكثير من دول العالم العربي.

تأخّرنا عن الركب لسنوات تعدُّ اليوم بالعقود، فإذا كان المثل القديم يقول: “من فاتك بليلة، فاتك بحيلة”، فإن شعار اليوم هو “من سبقك بليلة سبقك بألف حيلة”، كون أن سرعة التحولات تزداد وتيرتها سريعا نحو السرعة القصوى في التحول: تسارع لم يشهده العالم من قبل. السرعة في التغيرات والتحولات والانتقالات من محطة إلى أخرى، صار بلا نقاط ولا محطات انتظار، وكأنّ قطار التغيير في كل شيء وفي كل الأشياء، من العلاقات الاجتماعية إلى المعاملات إلى التعاملات، إلى الممارسات إلى السلوك الفردي والجماعي، يسير بلا توقف ولا محطات انتظار.

لقد ضيعنا كثيرا من السنوات، سنوات التيه السياسي ولمدة لا تقل عن 20 سنة، ووجدنا أنفسنا متأخرين عن الركب الاقتصادي والعالمي وحتى المحلي والاقليمي: تأخر في المنجزات بسبب الفساد واستهلاك الأموال والأرصدة الضخمة من دون ملموس يقابلها على أرض التجسيد، وإذا تجسد المشروع شابهُ الفسادُ بنسبة مخيفة.

التجارة الالكترونية بقيت متأخرة لسنوات، والرقمنة أيضا، ولولا الدفع “الرباعي” الإلكتروني الذي حرّكه مشروع العصرنة والتجديد والترشيد، ممثلا في مشروع رئيس الجمهورية للنهوض بالقطاع الصناعي والرقمنة الشاملة، وأخلقة العمل الإداري والسياسي والاقتصادي، والذي يرسم طريقه بنجاح وتوأدة، رغم الكيد والمكائد والمقاومة السلبية التي تمارسها التقاليد السابقة المتجذرة فينا والتي ترفض أي تغيير وأي جديد، لاسيما لدى “الأباطرة السابقين” والذين يرفضون ترك سلاح العرقلة والفرملة ومقاومة التغيير الجدي الجديد.

خلال أربع سنوات أو أقل، تمكنّا من الإقلاع، ولو بشق الأنفس، لكن الإقلاع كان ناجحا رغم العثرات والمنغصات في كثير من القطاعات. أقلع القطار ولن يتوقف، بل سيزداد سرعة وسينتقل إلى السرعة القصوى خلال أقل من 4 سنوات، وسنجد أنفسنا، إن واصلنا على نفس النهج والمنهج والجدية والتصور والفهم والممارسة والمتابعة الميدانية والإشراف والصرامة في تطبيق القوانين والمقررات الحكومية والمحلية، سننجح بالتأكيد في تقليص الفجوة، وسنجد أنفسنا قد لحقنا بالقافلة، ودخلنا سوق العالم الرقمي بكل اطمئنان.

التجارة الرقمية، ولاسيما عبر الهواتف الذكية التي صارت أدوات فردية لملايين الجزائريين، ستزداد مع ارتفاع نسب التعامل الزبائني المؤسساتي، وستبدأ الثقة في هذا المسار تتكرّس بفعل العمل الكبير الذي ينتظر هذه المشاريع أمام المؤسسات، لاسيما في مجال الأمن السيبراني، ومكافحة الجرائم الاقتصادية عبر الفضاء الأزرق، وتأمين المواقع الحساسة الأمنية والتجارية والمالية والشخصية. إنه عالم ليس بالسهل التعامل معه والتمكن منه أمام هجمات وضربات وحروب الجيل الخامس، التي صارت هاجسا عالميا، رغم تطوُّرها المريع في كبار الدول الصناعية العالمية.

دخول عالم المستقبل، يجب أن لا نستهين به، بل نحضِّر له بكفاءة حتى ولو أطلنا في الزمن والتحضير، لأن نجاح أي مشروع مستقبلي مرهون بالتحضير له ودراسته بقوة وجدية ولو أخذ منا القليل من الوقت الإضافي.

نحن مقبلون فعلا على تحولات، بقينا بعيدين عنها لسنوات، حتى تراكم التأخر وصار علينا اليوم لزاما أن نسرع الخطى ولكن بتعقل وصرامة وعمل متقن وإصرار كبير على كسب معركة التحدي المستقبلي في كل المجالات وليس فقط المجال الرقمي: فكل شيء قد بدأنا فيه من جديد، وانطلقنا منه وإليه من جديد وبسياسة وعزم جديد، بقي فقط أن نضبط عمل الساعة.. والعمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!