منوعات
من خالد ومامي وفضيلة وصحراوي إلى "سنيك"

“نجوم الراي” عبر الزمن.. فنّانون في قلب السياسة

زهية منصر
  • 1098
  • 0

أعادت زيارة الرئيس الفرنسي إلى محل “ديسكو مغرب”، الذي شكل مصنعا لنجوم الراي في ثمانينيات القرن الماضي، إلى الواجهة، علاقة مغني الراي بالواجهة السياسية، فنجوم هذا النوع الفني الذي ظهر على الساحة في الثمانينيات وشكل ثورة في الأذواق لم يكونوا يوما خارج “لعبة الرمزيات”.

الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد عندما قرّر انتهاج سياسة جديدة وإقرار التعددية، اختار فتح الأبواب أمام أغنية الراي لتدخل إلى بيوت الجزائريين حيث رأى فريقه في تلك الفترة أنه وفي إطار مواجهة مدّ الحركة الإسلامية والمطالب البربرية والحركات الاحتجاجية التي عرفت ذروتها في الثمانينيات أنه أفضل طريقة لمواجهة هذه التغيرات الاجتماعية فتح المجال أمام ظاهرة الراي وتبني نجومها رسميا، فكانت أغنية “الوسيكي قاوري والبيرا عربية” بمثابة فتيل أشعل الساحة الإعلامية واستمر الجدل أشهرا على صفحات المجاهد والشعب ومجلة الثورة والعمل.

فكان الشاب خالد وفضيلة وصحراوي وغيرهم من الأسماء في قلب التغيرات السياسية والتحوّلات الاجتماعية التي عرفتها الجزائر مثلما صار لاحقا الشاب حسني بعد اغتياله عنوانا لجيل كامل حمل مشاكل الشباب وتبني أحلامهم ومطالبهم.

أغنية الراي التي رافقت التحوّلات السياسية والاجتماعية في الجزائر أكبر من أن تكون مجرد فن، فطالما كانت ورقة سياسية واجتماعية في بداية الثمانينيات في الجزائر قبل أن تتحوّل إلى واجهة للصراع الإقليمي بين الجزائر والمغرب لاحقا، حيث عمد المخزن إلى تجنيس عدد من مغني هذا النوع واستعمالهم في دعاية المخزن لطروحات في قضية الصحراء المغربية.

لم يتوانَ نظام بن جديد عن فتح القنوات الحكومية أمام هذه الأغنية. والهدف كان مواجهة مدّ الإسلام السياسي، خصوصاً بعد الاجتماع التاريخي في الجامعة المركزية عام 1981 حيث أعلنت الحركات الإسلامية يومها عن نفسها كلاعب سياسي واجتماعي إلى جانب مطالب الحركة البربرية، وقد وجد الشاذلي بن جديد نفسه مجبرا على فتح أبواب القنوات والإعلام الحكومي أمام نوع جديد من الأغاني كان قد أعلن عن نفسه بقوة في الأوساط الشعبية غرب الجزائر وتحديدا في وهران.

في فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة كان نجم الراي الشاب مامي في واجهة الأحداث عندما خرج من مستشفى فال دوغراس، حيث كان الرئيس يرقد ويخبر الجزائريين أنه بخير ويتعافى بعد زيارة مجاملة أداها مامي لبوتفليقة.

فرضت أغنية الراي نفسها في البداية خارج الأسوار الرسمية لتعود متوجة بعد أن هاجر أغلب نجومها إلى فرنسا التي اتخذوها منطلقا للعودة في البدايات. خالد، مامي، الزهوانية، فضيلة وصحراوي كلهم تقريبا مروا من قاعات وملاهي باريس.

اعتبرت الصحافة الفرنسية يومها أن صعود ظاهرة الراي دلالة وعلامة على وجود تغيرات وتيارات متصارعة إيذانا بوجود تصدعات داخل الحزب خاصة وأن “الحرب” الإعلامية بين معارض ومؤيد للظاهرة الفنية الجديدة اشتعلت على أعمدة الجرائد وكانت في نظر صحافة باريس دليلا على وجود تصدعات وصراعات في هرم السلطة حول النمط الاجتماعي والثقافي الجديد للمجتمع الذي حمل الشاذلي عنوانه “من أجل حياة أفضل” وتدشين فترة الانفتاح للقضاء على إرث بومدين الثقيل للسبعينيات.

جريدة المجاهد مثلا نشرت ردا على جريدة “ليبراسيون” اعتبرت فيه الراي “طوق نجاة جديد يوظفه الاستعمار للتعبير عن حنينه إلى “جزائر فرنسية” ويروّج للقيم المنحطة والانحلال القادم من الغرب”.

ربما لهذا اعتبر البعض أن توقف ماكرون بمحل ديسكو مغرب وتصريحه كون “الراي غناء شعبي جزائري”، هو أيضا إشارة سياسية تساهم في دعم الملف في اليونسكو في إطار الصراع مع الجارة الغربية على أحقية ملكية هذا التراث.

مقالات ذات صلة