الجزائر
كان الأول في دفعته في جامعة سطيف

نبيل.. مهندس دولة يحترف بيع الشواء!

سمير مخربش
  • 4465
  • 4

يُعد نبيل دبابي من عين ولمان بولاية سطيف من النوابغ الذين نجحوا في البكالوريا يوم كان النجاح إنجازا صعب المنال، وأصبح مهندس دولة في الزراعة وكان الأول في دفعته بالجامعة، خاض تجربة هجرة خارج البلاد كحراق وعاد إلى أرض الوطن ليمتهن حرفة بيع الشواء.

وبعد مسار علمي ناجح انتهى به المطاف وراء المشواة، فاستحق لقب المهندس الشواي.
نبيل درس الابتدائي والمتوسط والثانوي بعين ولمان بجنوب ولاية سطيف، كان من التلاميذ النجباء وتحصل على شهادة البكالوريا سنة 1994 وهي السنة التي سجلت فيها الجزائر ثاني أضعف نسبة نجاح على المستوى الوطني والتي قدرت بـ 15.52 من المائة، فكان النجاح يومها حليف التلاميذ النجباء فقط، ففي عين ولمان لم ينجح سوى 15 تلميذا من بينهم نبيل الذي تنقل إلى جامعة مستغانم ودرس تخصص الزراعة وأصبح مهندس دولة في تكنولوجيا الأغذية الزراعية، وكان الأول على رأس الدفعة والشعبة حيث صنف من نوابغ الجامعة وتحصل على منحة لإكمال دراسته في بلجيكا، لكن هذه المنحة اختفت وحوّلت إلى جهة أخرى بطريقة محيرة. ولما طالب بحقه اقترحوا عليه منحة بجامعة بغداد والتي رفضها نبيل بسبب الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها دولة العراق.

وحينها أحس نبيل بالحقرة فقرّر هجر البلد باتجاه أوروبا، وبالفعل وصل إلى إسبانيا وهناك تحوّل إلى “حراق” بعدما انقضت مدة تأشيرته ووجد نفسه مجبرا على العمل في الحقول الاسبانية، فعوض أن يقطف ثمار تفوقه العلمي راح يقطف الفواكه بكتالونيا، ورغم صعوبة الظروف تمكن من الحصول على وثائق الإقامة وسوّى وضعيته ومكث هناك أربع سنوات. لكن نبيل لم يرض بالذل وسوء المعاملة تحت سوط العنصرية فقرر العودة إلى الوطن وإلى مسقط رأسه ببلدية عين ولمان التي اشتهرت بالشواء.

وبما أن والده من محترفي هذه المهنة ساقه المسار مباشرة إلى المشواة ففتح محلا للشواء بقلب المدينة ولازال يزاول هذه الحرفة بإتقان كبير، وهو من أشهر باعة الشواء بالمنطقة. ويقول نبيل بأنه استعان بخبرة الوالد لكنه في نفس الوقت وظف شهادته الجامعية الخاصة بالتغذية الزراعية في هذه الحرفة، فهو يتعامل مع اللحوم بأنواعها بطريقة علمية ويتقن مداعبة الكبد واللحم والشحم وكذا الفحم ومختلف القطع التي تدخل في منظومة الشواء فيتصرف معها باحترافية وفق نظريات علمية درسها بالجامعة، وهو اليوم المهندس الشواي الذي يعرف كيف تؤكل الكتف وكيف تصمم وتحضر أعواد الشواء بشحومها المتقاطرة ولذتها التي تهز الفؤاد.

وهنا يقول نبيل بعد هذا المسار الدراسي الذي تحصل فيه على شهادة البكالوريا في موسم صعب للغاية، وتحصل على شهادة مهندس دولة في الزراعة والأول في الدفعة وبملاحظة ممتاز، انتهى به المطاف خلف مشواة يداعب اللحم ويطارد الدخان، ورغم ذلك يقول نبيل بأنه لم يندم على دراسته لأنه يقدس العلم، وفي كل الأحوال فهو يملك شهادة جامعية بامتياز وطهي شواء مهنة نبيلة سمحت له ببناء بيت وعائلة سعيدة مكوّنة من زوجته التي ساندته وبناته الأربع اللائي يفتخرن بوالدهن الشواي المهندس الذي كان من القلائل الذين نجحوا في البكالوريا سنة 1994.

وفي الأخير ينصح نبيل كافة الطلبة بضرورة الاجتهاد لنيل شهادة البكالوريا التي تبقى من الشهادات القيّمة في حياة أي شخص، ومن بعدها الشهادة الجامعية التي لها أهمية كبرى حتى وإن لم تستغل في الحياة المهنية، ويبقى لقب المهندس أو الدكتور خير إنجاز مهما كانت الظروف.

مقالات ذات صلة