-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ناغورني كاراباخ.. السلام المستحيل

ناغورني كاراباخ.. السلام المستحيل
ح.م

السلام ليس آلية اتفاق مرحلي بين أطراف متحاربة، هو حل جذري، وصياغة أبدية متكاملة لإشكالية جغرافية أو سياسية، تشعل جذوة الحرب في ظل عوامل داخلية أو إقليمية ودولية تتوافر لنشوبها في مرحلة ما.

ناغورني كاراباخ عقدة تتجدد دوما في شكل حرب حدودية بين أرمينيا وأذربيجان، تغذيها قوى خارجية لها حساباتها البعيدة المدى، أملا في السيطرة على سلسلة جبلية، هي بوابة الانفتاح بين آسيا وأوروبا، والممر التجاري الرابط بينهما، والممهد لانسيابية اتساع نفوذ عسكري.

الحرب اشتعلت من جديد، أيام تمضي على انطلاقها، وحدة عنفها تتزايد، ولم يستجب أي من الطرفين لدعوات إيقافها الآتية من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، حتى تجلى السؤال الأكبر حول: “من القادر على إيقافها؟”.

فإن قبلت أرمينيا بوساطة فرنسية أمريكية روسية، فإن أذربيجان ترفض التجاوب مع أطراف لا ترى الحيادية في موقفها، وهي المستقوية بدعم تركي مباشر يجسد الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.

وبينما تتحرك آلة الحرب بقوة، يتطلع العالم لنتائج دعوة روسية جمعت وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان في موسكو، دعوة أطلقها الرئيس فلاديمير بوتين واستجاب الطرفان المتحاربان لها على عجل قبل أن تتحول الحرب إلى حرب إقليمية أو دولية.

مفاوضات أسمتها روسيا مفاوضات سلام لم يتحقق منذ عقود، فالإشكالية الجغرافية لن تصل بهذه السهولة إلى ناصية السلام، فضلا عن القاعدة التي تستند عليها روسيا في الإعلان عن مفاوضات سلام تمهد لها مفاوضات وقف إطلاق النار أولا.

روسيا لن تتخلى عن مصالحها العسكرية/الاقتصادية في أرمينيا، التي رأت نفسها في مواجهة تاريخية متجددة مع تركيا المتحالفة مع أذربيجان، فاحتضانها لمفاوضات ثنائية أرمينية – أذرية ينطلق من قدراتها المؤثرة على طرفي النزاع، وتأهبها للتدخل من أجل منع دخول قوى إقليمية تقف قبالة مناطق نفوذها.

تلتقي مبادرة موسكو مع مبادرة مجموعة “مينسك” التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تقود وساطة دولية هدفها إيقاف الحرب التي تقترب من اختتام أسبوعها الثاني، رغم الفارق في الأهداف بين التوجه الروسي والتوجه الأوروبي الذي يخشى اتساع دائرة الحرب إلى حرب دينية/طائفية تنعكس بآثارها السلبية على الأمن العالمي.

أما التحرك الفرنسي باتجاه الحدث القائم في القوقاز، فتتعامل معه أذربيجان بحذر، فهي لا ترى الحياد المطلوب في وساطة باريس التي يتابعها الرئيس مانويل ماكرون، لكنها رغم ذلك تجاوبت بمرونة معها، ولم تلجأ إلى غلق بابها.

فرنسا توقعت وقفا قريبا لإطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا، وهو إعلان سبق انتظار نتائج المفاوضات التي تقودها موسكو بين طرفي النزاع، فقد أعلن قصر الإليزيه عن قرب هدنة وصفها بـ”الهشة”، على ضوء محادثة الرئيس ماكرون مع الرئيس الأرميني والرئيس الأذري هاتفيا.

تدخلات وساطة دولية أوروبية – روسية اختلفت وسائلها، وتباينت أهدافها، لكنها تلتقي حول الرغبة الأكيدة في إيقاف الحرب الأرمنية – الأذرية القابلة للاتساع إذا ما عجز العالم عن لملمة اوزارها على نحو عاجل، بانتظار إرساء دعائم سلام دائم في القوقاز المضطرب بعقدة ناغورني كاراباخ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • شخص

    أرمينيا تريد من أذربيجان السلام نفسه الذي تريده إسرائيل من الفلسطينيين، أنا أحتل أرضك و أنت ترضى بالسلام ؟