ناطحات هواء!

أكثر ما يمكن أن يشكر عليه الجزائريون حكومتهم والمنظمات التابعة لها، سواء تلك التي تدّعي الاستقلالية أو تعترف بممارسة الشيتة جهارا نهارا، هو تعميم الضحك بقرارات رسمية وتعليمات فوقية، لدرجة أننا بتنا نخاف على الشعب برمته من الموت ضحكا بسبب تلك السياسة غير المعلن عنها ضمن المجالس الوزارية الرسمية!

خذ مثلا الخبر الأخير الذي نشرته بعض الصحف على لسان الجمعية الوطنية للمقاولين الجزائريين والتي اقترحت على الحكومة، بناء خمس ناطحات سحاب يصل علوها إلى مائة طابق في خمس ولايات كبيرة بالجزائر!

الخبر حسب أصحابه، صحيح مائة بالمائة، ومنشور في شهر سبتمبر، وبالتالي لا علاقة له، لا من قريب أو بعيد بحوتة أفريل ولا سردينة ماي!

لن نناقش هنا، جدية الفكرة أو المشروع من عدمها، طالما أننا نسمع في الوقت الحالي قهقهة الكثير ممن يقرأونه، خصوصا عندما يطالعون في الصحافة ذاتها، تصريحا لمن يتولى مهمة انجاز الجامع الأعظم بالعاصمة، وهو يقول، بلا حياء سياسي ولا خجل تقني أنه ليس مسؤولا عن التحقيق مع الشركات المنجزة أو المقاولة المكلفة ببناء الجامع!

هذه ليست المرة الأولى التي نجد فيها مسؤولا يعترف بعدم مسؤوليته، ولكننا سنناقش مثلا، عدد الجزائريين الذين سيبنون ناطحات السحاب، وعدد من يساعدهم من الصينيين، أو العكس، طالما أن الدولة اهتدت في الوقت الراهن لخلق توأمة بين عمال البلدين، ترجمتها في الجامع الأعظم حين قررت توظيف 7 آلاف صيني ومعهم 10 آلاف جزائري.. والأكثر من ذلك، أن التلفزيون العمومي الذي يسبح بحمد الحكومة ويستغفر لها عند الشعب، شرع مؤخرا في بث مجموعة من المسلسلات الصينية، كما فتحت غرف التجارة في العديد من ولايات الوطن فروعا لتعلم اللغة الصينية أيضا!

آخرون قد يقولون أن الحكومة قد اهتدت أخيرا للعثور على حل ناجع للجزائريين الذين يتزاحمون على الانتحار في الجسور القديمة، ومن فوق أعالي الصخور البحرية، أو العمارات الصغيرة التي لا يضمن البعض أن يموت المنتحر فيها أو يلتحق بعداد المعوقين، وبالتالي، قررت، مشكورة غير مأجورة، على بناء ناطحات سحاب، سيكون السقوط من طابقها المائة، أكثر متعة للمنتحر حتى يستمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة، ناهيك على أن الموت فيها مضمون، والأجر معلق بنية الحكومة، والله من وراء القصد!