الرأي

ميهوبي و”بيع” الكلمات!

قادة بن عمار
  • 6459
  • 24

وزير الثقافة عز الدين ميهوبي يستغلّ زيارة رسمية وموقعه السياسي لعقد صفقة مع المطربة ماجدة الرومي، ثم يقول في ندوة صحفية إن الخبر لا أساس له من الصحة، رغم أن الفنانة اللبنانية اللامعة أكدته ومعها الملحن الذي سيعزف لهما القصيدة.

طبعا كلمات ميهوبي ليست كالكلمات، ليس لأن الوزير “شاعر كبير” ولكن لأنه وزيرٌ في بلد كبير، وبالتالي فهو يبحث عن عقد صفقات موازية لمنصبه، تضمن له الاستمرار في المشهد الإبداعي، وقد يكون ذلك من حقه، لكن ما ليس من حقه، أن يعقد تلك الصفقات باسم الشعب الجزائري وباسم الحكومة التي يمثلها!

إلى هذا الحدّ وصلت الممارسة السياسية عندنا، لدرجة بيع الكلمات وعقد الصفقات والتقاط صور “السيلفي” مع المغنّين والمغنيات؟!

الوزير ميهوبي قال إنه أوقف جميع أنشطته الثقافية والإبداعية بمجرد تسلم مقعده في الحكومة، لكنه لم يخبرنا عن سرّ تمرير معظم تلك الأعمال عبر أسماء مقرَّبة منه جدا، سواء بالكتابة أو بالموسيقى أو بالإخراج وحتى التعيينات في المناصب، لا بل إنه خلق في زمن التقشف وترشيد النفقات، مهرجانا للسينما من أجل أحد أصدقائه المخرجين الذين تعاون معه في فيلم سينمائي يدخل ضمن “تمجيد الثورة المبني على الاستفادة من ملايير الخزينة العمومية”!

ما حقيقة ما يشاع ويذاع عبر الوسط الفني والإبداعي والثقافي عن أن ما لا يحصل عليه ميهوبي كشاعر وككاتب، يحصل عليه كوزير بالوكالة عبر أسماء متعدِّدة ومختلفة؟

صحيحٌ أن عدداً من تلك الأسماء يستحق نيل الأعمال الفنية، وقد أظهروا إبداعهم قبل أن يأتي الوزير ميهوبي إلى منصبه، لكن أين هي الشفافية في التعامل؟ ولماذا تحوّلت الوزارة إلى بيئة منتجة للاتهامات السريعة والقابلة للتصديق؟

النكتة الثانية ما قاله ميهوبي في الندوة الصحفية المتعلقة بتقييم تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، حيث قال إنه تم صرف 7 ملايير دينار في مقابل استرجاع مليار دينار لصالح الخزينة العمومية!

الله أكبر على هذا الإنجاز العظيم! لا أريد الحديث هنا عن “ألاعيب الخزينة العمومية” وكيف تمّ في سنة واحدة، بل في ظرف أسابيع قليلة، خلق عدّة مهرجانات وبعضها مكرّر، من أجل صرف كل أموال الخزينة المخصّصة للثقافة، فحينها لم يكن هنالك حديثٌ رسمي عن ترشيد النفقات ولم تكن الدولة حريصة على المال العام، لأن سعر البترول كان عالياً، أما الآن فكل وزير نبيه يجب أن يخرج إلى الرأي العام ليقول إنه نجح، وبتوفيق من الله، في صرف عشرات الملايير مقابل استرجاع الفتات!

الواقع أن الدولة الريعية أو الغنائمية لا تغيّر سلوكها سواء تعلق الأمر بتوزيع الأموال أو بترشيد النفقات، وسواء كان القطاع المعني هو الفلاحة أو الثقافة!

الأمر يشبه تماماً قضية تعديل الدستور، حين بات كل وزير يسبِّح بحمده ويكرِّر إنجازاته “التاريخية” إلى درجة ظهور ميهوبي أكثر من مرة مكرِّرا في كل تصريحاته أن الدستور الجديد يضمن دسْترة الثقافة باعتبارها حقا للمواطن!

كثيرٌ من القطاعات تحتاج إلى الشفافية، لكن حين يسيطر الغموض ويلفّ بعض المجالات الحيوية على غرار الثقافة والتعليم، حينها لا مجال للتلاعب أو تصديق النيّات، بل تصبح الحقيقة مرتبطة بالميدان وبالواقع.. الواقع الذي نعيشه وليس الذي نؤلفه شعرا أو نكتبه للسينما! 

مقالات ذات صلة