جواهر

موعد مع العري

نادية شريف
  • 3067
  • 15

حلّ فصل الدفء بعد طول برد الشتاء، وحلت معه مظاهر كشف المحظور، وأوج التبرج والسفور، كاسيات عاريات، مائلات مميلات، ما صدقن بزوغ أول شعاع دافئ ليتخلصن من مثخن ألبستهن ويفتنّ الأنظار بغيرها من شفافة رقيقة، وضيقة لصيقة، ومبتورة الأكمام وكاشفة الأحجام، وكأن جلودهنّ على موعد مع أشعة الشمس.

إنها الحضارة الغربية الطاغية بقوتها على أمة أرادت العزة بغير هويتها فذلت وهانت، ولم تبلغ من مرامها سوى خزي استهلاكها لسفاسف الأمور، وإني لواقفة هنا لأصرّح بأنني ضد المعاكسات في الشوارع، وما يعلوها من سلوكيات حد التحرش والاغتصاب، وأربطها مهما كان وقع المحفز بقلة الإيمان وانعدام الأخلاق والشهامة في نفس الرجل ، يقينا مني بأن الرجل التقي النقي حينما يرى ما يستفزه يبدي نفورا أكثر منه انجذابا، لكن تفشي الظاهرة بهذه الكثرة يلزمنا الوقوف عند أسبابها قبل أن نحاسب المجرم وشركائه فإذا كان يصدر سلوكه المشين اتجاه كل أنثى أو ظل أنثى مهما كان سنها ولباسها وشكلها فان محاكمته يجب أن تكون قطعية دون الخوض في ملابسات ما أقدم عليه سواء عن عقل أو عن سكر أما إذا كان ضحية من ضحايا فاضحات الخفايا وكاشفات الخبايا، فهنا وجب علينا الإنصاف في تقسيم الجزاء، نعم لا تسقط أحكام الشرع بحجة الإغراء المباح، لكن النظر إلى حال كثير من الشباب ممن جانبتهم أقدارهم في الانتساب إلى أبوين يجيدان صنع الرجال فغذوا أفكارهم منذ الصبا بكل ما جاد به عصرهم من مصادر الرذائل والمغريات، وأفنوا مروءتهم في الأزقة وأمام أبواب الثانويات والجامعات متبجحين بلفظ النابيات واستعراض العضلات والتلذذ بحرق أنواع الملفوفات، كل هذا يجعلنا نسأل كيف لهؤلاء المسلوبين قدرة التمييز بين الحق والباطل أن يصمدوا أمام فن الإغراء القاتل؟

وقبل أن أحاضر على الفتاة في الدين، والاحتشام، ولباس المرأة المسلمة الذي يعرفه المسلمون، وأهل الكتاب، والمجوس ينبغي علينا ومن باب الإنصاف أيضا تشريح واقع هؤلاء الفتيات وظروف احترافهن لهواية الإغراء والعري وطريقة تفكيرهن ودوافعهن إلى ذلك.

لقد خلق الله الإنسان بفطرته يميل إلى السترة وأفضل ما يستشهد به في كلامنا هذا هي قصة سيدنا آدم عليه السلام، وزوجه حواء عندما أغواهما إبليس فخالفا أمر الله وأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة حياء،  وهو تصرف فطري تلقائي يجعلنا نتساءل أين ذهبت فطرة هؤلاء الفتيات اللواتي لا يجدن حرجا في إبداء مفاتنهن، مع العلم بحكم الشرع في ذلك وحجم المفاسد، والمضار التي يجلبونها لأنفسهن ولغيرهن؟

أليس سلوكا ناجما عن غياب الرادع الشرعي القائم بالضمير والوازع الديني، أو بالعرف، أو بالقانون

وكلها نواميس باتت غائبة سواء في الأسرة، أو في الشارع، أو حتى في مراكز التعليم، حيث تراجع دور الأولياء في التربية والتنشئة الدينية الأصولية النبيلة، وغاب التناصح بين أفراد المجتمع، وحتى دور المعلمين، وغابت ثقافة المشاركة الاجتماعية والإحساس بالمسؤولية في خدمة المجتمع مما جعل المستوى الأخلاقي في تدن مستمر، ورست الأفكار الفاسدة في مخيلات بناتنا وشبابنا، وأصبحت الكثير من الفتيات تعتقدن أن التبرج والسفور هو الطريقة المثلى للإيقاع بالشباب من أجل الزواج، وسقطت همة شبابنا عند جيوب النساء.

لست أدافع عن أحد بقدر ما أحاول عرض الحقيقة لأهل الطلب، فليس من المعقول أن يحاط هؤلاء من الجنسين بكل ما يدفع لارتكاب الرذائل، ويطالبون بعفة يوسف ومريم!

مقالات ذات صلة