الرأي

موتى.. يبايعون ويعارضون!

قادة بن عمار
  • 1480
  • 9

كُره بوتفليقة دفع البعض إلى الاستعانة بالموتى، وتحويل علي كافي رحمه الله إلى أيقونة الديمقراطية والحريات! الرجل الذي حكم البلاد والعباد بعد انقلاب عسكري أطاح بالشرعية، وجاء بمجلس معيّن وانتقالي لتسيير شؤون الدولة، بات في زمن الردّة الذي نعيشه على كل المستويات، مثالا حيّا لمقارعة استبداد جديد، تم الشروع فيه قبل 6 سنوات مع تعديل دستوري مشوّه أعاد البلاد إلى نقطة الصفر، حينها طبعا، لم ينتبه البعض لخطورة الأمر، أو انتبهوا وفضّلوا السكوت و”ضرب النح”، مرجّحين أن القدر والمرض لن يسمحا لبوتفليقة، وجماعته بالاستمرار في السلطة لعهدة رابعة وربما حتى ثالثة في ذلك الحين!

من استعانوا بشهادة علي كافي “المهرّبة” من الأرشيف السري، قالوا أن الرجل يحظى بمكانة كبيرة وسط العائلة الثورية، تحديدا الولاية التاريخية الثانية، وهم يستندون هنا ــ على غرار خصومهم ــ إلى شرعيةٍ ثوريةٍ لا تريد أن ترحل، شرعية يستمر بوتفليقة في الحكم بسببها رغم مصارحته لنا قبل سنتين، أن جيله “طاب جنانو” أي جيل بوتفليقة وعلي كافي وحمروش، وأحمد طالب الإبراهيمي، واليامين زروال وغيرهم!

لم نسمع يوما أن كافي قال لبوتفليقة في كل اللقاءات الودية التي جمعت الرجلين على مدار السنوات الأخيرة، “أخطيك من الحكم الأبدي وإياك والاستبداد يا سي عبد القادر”، لم نقرأ في مذكّراته ولم نعثر بين أوراقه إلى ما يشير لـ”برودة في العلاقة ما بين الرجلين” لا بل إن علي كافي، وبشهادة نجله، وعلى غرار كل الرؤساء السابقين، باستثناء اليامين زروال طبعا، عاشوا أيامهم الأخيرة “رؤساء” وجربوا “حياة الفخامة” من جديد، كانوا مع بوتفليقة “سمن على عسل”، فهل نحن بصدد معارضة جديدة اسمها المعارضة بأثر رجعي، و”الاختلاف بعد الموت.. ومن الدار الآخرة!” معارضة يحضر فيها الموتى أكثر من الأحياء؟ أليست مشكلتنا مع بوتفليقة “رفض حكم الجثة المريضة” فكيف نستعين إذن بجثة هامدة لتغييره؟!

ما الفرق هنا بين خصوم بوتفليقة وأنصاره الذين صدّعوا رؤوسنا بالحديث نيابة عن قوافل الشهداء، والثوار والمجاهدين، حتى أن نورية حفصي، قالت على الملأ: “امض يا فخامة الرئيس ونحن معك.. الشهداء جميعا معك.. مليون ونصف مليون شهيد يبايعونك يا بوتفليقة!”

كيف يمكن الوثوق في رجل خان رفاقه بالأمس القريب، ويريد اليوم البحث عن عذرية جديدة! الكلام هنا ليس عن علي بن فليس، بالمناسبة وإن تشابهت الأدوار (…) بل عن رجل آخر اسمه أحمد مراني، أكل من فتات كل الموائد فيس، سلطة، زروال، بوتفليقة، جنرالات وغيرهم، وها هو اليوم يعود مقدما نفسه مثقفا نوعيا يختلف عن البقية، عن دعاة العهدة الرابعة وعن معارضيها، إنه رجل مفكر ومعارض في ثوب مُصلح، وقدّيس في رداء فيلسوف، دون أن يملك الشجاعة الكافية ليقول ما الذي أخرجه مدافعا قبل أيام عن المخابرات، ولا من أين يقتات وأين يقطن، ألم تعلمنا الظروف والأزمات طرح السؤال التالي: قل لي أين تسكن، أُخبرك من أنت؟!

بقدر ما “ضيّع” بوتفليقة تاريخه حين استعان بعمار غول وعمارة بن يونس وعبد المالك سلال ونورية حفصي للدفاع عن انجازاته، بقدر ما تاهت المعارضة في البحث والتفتيش عن أيّ أسماء يمكنها “إحداث التغيير”، فلم تجد في نهاية المطاف سوى علي كافي، وأحمد بن شريف، وأحمد مراني دون أن تدرك أنّ فاقد الشيء لا يعطيه!

مقالات ذات صلة