الجزائر
تشتتوا بين القطاعات ويعانون مشاكل جمّة

من ينقذ أطفال التوحد في الجزائر؟

كريمة خلاص
  • 3219
  • 5
ح.م

يعيش أطفال التوحد وأولياؤهم في الجزائر شتاتا رهيبا وضعفا في التكفل بهم على اختلاف مستوياته ومجالاته، حيث تتقاذفهم الوزارات دون تقديم حلول شافية، خاصة مع ارتفاع عددهم في الجزائر.

وازدادت مخاوف الأولياء بعد الحادثة الأليمة والجريمة التي اقترفت في ولاية قسنطينة بحق براءة ذنبها الوحيد أنها وقعت فريسة لأشخاص باعوا ضميرهم مقابل المال..

طرحت الفيدرالية الوطنية للتوحد انشغالات عديدة أرقت الأطفال وأولياءهم وذلك خلال لقاء جمعها يوم الخميس بكاتب الدولة المكلف بالاستشراف بشير مصيطفى ويعد هذا اللقاء مع الطاقم الحكومي الثالث من نوعه بعد لقاء الفيدرالية مع وزارة العمل ووزارة التضامن في انتظار لقاء قريب مع وزارة التربية لإيجاد تكفل جدي بهذه الفئة الهشة.

التعليم والتكوين أكثر ما يؤرق أطفال التوحد

عبرت الفيدرالية الوطنية للتوحد، من خلال رئيسها وعدد من رؤساء اللجان والجمعيات والمراكز التعليمية، عن أهم انشغالاتها في مجال التكفل بهذه الفئة الهشّة وقال حادّي مربوح رئيس الفيدرالية أنّ أهم من يعاني هم الفقراء والزوالية في المناطق الداخلية والنائية الذين لا يتوفرون على الإمكانيات اللازمة لوضع لتسديد نفقات المراكز الخاصة للتكفل بأبنائهم، وذلك في غياب دعم مادي للمراكز لذا لم يسدد الولي النفقات فالطفل لن يدرس.

وأوضح حادي أنّ التعليم والتكوين أكثر ما يعيق التكفل بالتوحد في الجزائر، داعيا إلى توفير مراكز أكثر وتعميمها على كامل ولايات الوطن.

وقال حادي إن المرافق الاجتماعي يطرح مشكلا كبيرا حيث يرفضه بعض المديرين ويتطلب الحصول عليه رخصة من قبل وزارة التربية وهو ما اعتبره بيروقراطية يتجمل عناءها المواطن الذي يتنقل من تمنراست إلى العاصمة للحصول على رخصة.

وبالنسبة للفئة الأكثر من 18 عاما فألحّ رئيس الفيدرالية على توفير تكوين ضمن تخصصات معينة وفق قدرات كل فرد ..

وكشف محمد فوضيل رئيس جمعية التوحد بولاية مستغانم عن مشروع للتكوين في إطار المزارع البيداغوجية التي يمكن انجازها في شكل مركز خارج المدينة، على اعتبار أنّ بعض الأطفال لا يمكنهم الدراسة أو لا يمتلكون مهارات لمواصلة التعليم وتختص المزارع بأعمال وأنشطة فلاحية أو حرف مثل الأزهار الصناعية أو إنتاج الجبن المرطبات والحلويات ومنتجات التجميل.

التشخيص المبكر ضرورة مستعجلة

أفاد بكو صديق رئيس اللجنة العلمية بالفيدرالية ومختص في الطب العقلي بمركز الشراقة أن من أهم مشاكل التكفل بالتوحد في الجزائر هو نقص المهنيين المؤهلين، فالطاقات الموجودة تفتقد الى التكوين الجيد والمتواصل.

وأوضح المختص أن عمل اللجنة العلمية للفيدرالية يرتكز على التكوين والتحسيس من خلال ملتقيات علمية لتطوير التكفل والبحث العلمي وكذا نشاطات في المناطق النائية من خلال حملات كشف وتشخيص خاصة في المناطق النائية والفقيرة التي تفتقد الخبرة الطبية المؤهلة.

وحسب المعني فإن “كل هذا يحتاج إلى تمويل مالي وميزانية خاصة في ظل الاستعانة بالخبرات الاجنبية احيانا وكذا تكاليف النقل والاقامة”.

التكفل بالتوحد تشتّت بين الوزارات

أجمع العديد من الناشطين في الفيدرالية أنّ فئة التوحد لا تزال محل تقاذف بين عديد القطاع ما انعكس سلبا على نوعية التكفل المخصص لها وتغيبها في رسم الاستراتيجيات والبرامج الحكومية.

وقالت صنصال سعاد أسيا رئيسة جمعية التكفل بأطفال التوحد لولاية البليدة “انشغالاتنا موزعة على العديد من الوزارات” الصحة والتضامن والتكوين والتربية والاستشراف”  لذا طالب هؤلاء الوزير مصيطفى بإبلاغ انشغالهم لإيجاد آليات تنسيق على مستوى الحكومة، متسائلين “من يتحمل مسؤولية التوحد في الجزائر؟

حادثة قسنطينة زعزعت ثقة الأولياء في مراكز التكفل الخاصة

أكّدت بن موسى نجلة مندوب ولائي لولاية قسنطينة على مستوى الفيدرالية أنّ ثقة الأولياء تزعزعت في المراكز الخاصة بعد الحادثة الأليمة التي عرفتها الولاية على مستوى احد المراكز الخاصة غير المعتمدة، حيث باتوا ينفرون من تسجيل أبنائهم فيها وهناك من سحبهم نحو مراكز أخرى يعتقدون انها اطثر كفاءة وثقة.

وبات العديد من الأولياء يفضلون المراكز العمومية التابعة للدولة، غير أن هذه الأخيرة تكاد تكون منعدمة واغلب ما يتكفل بالتوحد تابع للجمعيات.

ويتطلب إعادة الثقة مرافقة خاصة ومتابعة لكل المراكز الناشطة في مجال التكفل بهذه الفئة لتجنب تكرار سيناريوهات وفضائح تذهب ضحيتها الطبقة الهشة من المجتمع.

آباء يخجلون بأطفالهم التوحديين ويخفونهم عن الانظار

انتقد نجادي قليل مدير مؤسسة تعليمية بولاية وهران وعضو بالفيدرالية تعامل بعض مدراء المدارس وكذا الأساتذة وبعض الأولياء الذين يرفضون اختلاط أطفال التوحد بالأطفال العاديين في المدارس ويصف بعض الأولياء التوحديين بأنهم “مهابيل”.

وقال نجادي إننا نجد صعوبة كبيرة في إقناع الأولياء والمدراء رغم ما نخوضه معهم من نقاشات… هذا مشكل نواجهه يوميا ونعاني منه بشكل رهيب حتى أن منهم من يفضل تحويل ابنه إلى مدارس أخرى.

من جهتها قالت صنصال سعاد اسيا ان بعض  الآباء باتوا يخجلون بأطفالهم ويخفونهم عن أعين الناس ظنا منهم أنهم يحمونهم، لذا لا نتمكن من معرفة عددهم على وجه الخصوص ولا تقدير احتياجاتهم فعليا.

مشروع نموذجي لانجاز مركز لأطفال التوحد في عين تموشنت

قدّمت الفيدرالية مخطّط مشروع لإنشاء مركز للتكفل بأطفال التوحد يستوعب حوالي 300 طفل وتقدّر تكلفته بـ13.5 مليار، كما ستستغرق آجال انجازه 24 شهرا.

وقد تم الحصول على رخصة البناء منذ عامين ساهمت فيه الولاية 4.5 مليار، غير انه لا يمكن الشروع في الانجاز إذا ما لم يستكمل المبلغ.

وتقترح الفيدرالية تعميم المشروع على مستوى العديد من الولايات كل حسب خصوصية منطقته لتقريب المسافات على المواطنين والتكفل بالتوحديين في جو أفضل.

مقالات ذات صلة