الرأي

من نصدّق: الوزراء أم الخبراء؟

قادة بن عمار
  • 10859
  • 12

الوزير الأول أحمد أويحيى يعِد المواطنين بعدم فرض ضرائب جديدة في قانون المالية المقبل، ويعِد مكتتبي “عدل” بعدم التخلي عن هذه الصيغة من السكنات، ولو اقتضى الأمر صرف “مال قارون”، ويعد الشباب بتوفير مزيد من مناصب الشغل والتقليل من البطالة، والفلاحين بالدعم ووو.. لكن ماذا بعد كل هذه الوعود؟ وهل يكفي إطلاقها هكذا ليشعر الجزائريون بالأمن والاطمئنان مثل ما تمنى أويحيى في ختام كلمته أمام البرلمان؟!

المنطق يقول إن أيّ شخص عندما يطلق وعودا، يجب أن يكون قادرا على تنفيذها، كما أن السؤال المباشر: بماذا ستفعل كل هذا؟ وبماذا ستحقق جميع أو حتى “نصف” تلك الوعود؟!

المثير أن أويحيى لا يملك حلا مباشرا وإنما يقترح على الجزائريين أسلوبا جديدا لإنعاش الخزينة، وهو “التمويل غير التقليدي”، حلٌّ سبق وأن دعا إليه الرئيس بوتفليقة في مجلس الوزراء المنعقد في 14 جوان الماضي حين كان تبون وزيرا أوّل!

سؤال آخر: بماذا ستحقق كل تلك الوعود إن كان الإجراء “السحري” الذي يقدمه أويحيى مازال في علم الغيب؟ حيث لا دراسات علمية محايدة تؤكد نجاحه، بل مجرد أمثلة من أمريكا واليابان وبريطانيا! بمعنى أن “الفشل وارد” وقد نضطر معه قريبا جدا، وليس خلال الـ3 سنوات التي طلبها أويحيى، إلى تغيير الكثير من الإجراءات واللجوء إلى أخرى أكثر قسوة، وفي مقدمتها التخلي عن بعض المشاريع ورفع الدعم عن المواد الغذائية الأساسية وربما حتى الاستدانة الخارجية.

ما يطلبه منّا أويحيى باختصار، هو أن نصدّقه وفقط، ونتضامن مع حكومته من أجل المرور بالبلاد نحو برّ الأمان، وهنا لا جدوى من فتح الملفات القديمة ومحاسبة الحكومات السابقة عن الـ1100 مليار التي تم صرفها، فالوقت غير مناسب للحساب والعقاب بنظر السلطة!

وعود الوزير الأول تأتي وقد انهار احتياطي الصرف، وانهارت معه قيمة الدينار، وجفّ صندوق ضبط الإيرادات، وبالمناسبة فإن وزير المالية السابق حاجي بابا عمي وعدنا بجفاف ذلك الصندوق واستنفاد قيمته في 2018 وليس في فيفري 2017 فما الذي يجعلنا اليوم نصدق أن احتياطي الصرف لن يجف قبل موعده؟!

من يضمن لنا غدا أن الحكومة ستدفع الرواتب ومِنح المتقاعدين وتلتزم بالتحويلات الاجتماعية؟ الواقع أنه لا توجد ضماناتٌ حقيقية وملموسة ما عدا كلام يردده وزيرٌ هنا ووزير هناك، وحبر على ورق يسمى مخططا حكوميا للعمل، والتزامات يقال إن الرئيس يعتبرها “خطا أحمر”، لكن جميع تلك الوعود تبقى غير مرشحة للصمود في ظل معايير أخرى أكثر قوة وفي مقدِّمتها معيار السوق وجفاف الخزينة واختلال ميزان المدفوعات وتراجع احتياطي الصرف من العملة الصعبة.. وهذا كلام الخبراء وليس الوزراء، فمن نصدّق أكثر؟!

مقالات ذات صلة