الرأي

مكر وخداع!

قادة بن عمار
  • 3954
  • 17

أكثر ما يؤرّق في اجتماعات المعارضة الأخيرة الداعية لانتقال ديمقراطي أن أصحابها يعتبرون مجرد الاجتماع في بيت واحد، أو الالتقاء على طاولة مشتركة، انجازا تاريخيا عظيما، أحد نتائجه الكبيرة و”غير المسبوقة” تشكيل هيئة للمشاورة والمتابعة مهمتها الأساسية التحضير لعقد اجتماعات أخرى!

المعارضون لم يتفقوا حتى الآن، إن كانت السلطة الحالية تعدّ جزءا من الحل أو المشكلة؟ وما دور الجيش في المرحلة المقبلة؟ ناهيك عن أن الضربة الموجعة التي تلقاها هؤلاء، حين بادر الأفافاس، بالمشاركة في مشاورات أويحيى، ثم اطلاقه مبادرة الإجماع الوطني، تدل على أمرين لا ثالث لهما: إمّا أن الجماعة داخل حزب الدا حسين خبثاء جدا لدرجة نجاحهم في خداع مقري وبن فليس ومن معهما، وإما أن هؤلاء سذّج جدا لدرجة تصديق مزاعم أقدم حزب معارض في أن يكون معهم ومع السلطة في الآن ذاته !

ما قاله كريم طابو قبل يومين، جدير بالاهتمام، فهو بقدر لومه السلطة التي تريد بيع كل شيء حتى أبناءها من أجل الاستمرار في “الحكم”، فقد أعاب على المعارضة التي تسوّق الوهم بالقول أنها موحدة ولا خلافات بينها، من حيث الأيديولوجيا أو المصالح وحتى البرامج!

بمعنى آخر، السلطة التي أخذتها العزة بالإثم في المدة الأخيرة، ولم تعد تسمع أي صوت غير صوتها (بدليل ما تم ترويجه مؤخرا عن رفض بوتفليقة حتى لدستور ومشاورات أويحيى) تبدو أقل سوءا في وضعها من المعارضة التي ركبها الغرور، وفاجأتها الأحداث، ولم يعد يعنيها من الإنجازات سوى التقاط الصور، واستضافة رموز الفيس داخل بيت الأرسيدي، دون نسيان الإنجاز التاريخي العظيم المتمثل في أن “يبوس” سعيد سعدي غريمه علي جدي.. بفتوى صريحة من شيخه علي بن حاج طبعا؟!

لا أعرف، هل تابع جماعة حمس والنهضة ومعهما الفيس ما قاله محسن بلعباس، قبل يومين في حوار تلفزيوني، حين برر وجود بعض رموز الحزب المحظور في بيت الأرسيدي بـ”الأمر الواقع” الذي لن يغير في القناعات شيئا، وأن هؤلاء مجرد أشخاص، يتوقف اعتمادهم ضمن تشكيل سياسي على القانون وحده.. وجميعنا يعرف أن “دعاة تطبيق القانون” في بلادنا أول من “يعفس عليه”؟!

الخطير أن خليفة سعيد سعدي، لم يدافع عن حق هؤلاء في ممارسة السياسة، ولا عن تعرضهم للظلم في سنوات سابقة بسبب التعبير عن رأي خاص في شؤون البلاد، وطبعا، لن يتكلم عن تزوير انتخابات فاز بها إسلاميون ولا عن انقلاب، بل كل ما يعنيه أن الأرسيدي يتحالف مع الأمر الواقع لدفع السلطة من أجل المشاركة في الحوار.. (وليس حتى في تغييرها بهدوء مثلما دعا مولود حمروش، حتى لا نقول إسقاطها)!!

كيف لحزب لا يعترف بحق حليفه في ممارسة الحرية، أن نأتمنه على انتقال ديمقراطي سليم؟ كيف لمن لا يرفع الظلم عن زميله في المعارضة أن يمنع نفسه عن عدم تكراره حين يتسلم السلطة؟

الصورة كالتالي: الأفافاس عقد صفقة مع السلطة.. والأرسيدي عقد صفقة أخرى مع الاسلاميين، أما جماعة حمس والنهضة والإصلاح فهم مثل الأطرش في الزفة، تكاد الأحداث تتجاوزهم نهائيا.. في حين لا يعد رؤساء الحكومات السابقون مثل حمروش، بن بيتور، بن فليس، غزالي، سوى أبناء نظام لا يريدون تغييره بقدر ما يريدون تحسيس أسياد القرار كم خسروا حين لفظوهم من مواقع المسؤولية.. و”أطّفرت” في الشعب؟!

مقالات ذات صلة