الرأي

مفارقة بين وزير صهيوني ووزير مصري

حسين لقرع
  • 4817
  • 17

بعد أيام قليلة من تهديد وزير الخارجية المصري ضمنيا باحتلال غزة وإسقاط حماس وإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع على ظهور الدبابات المصرية، صرّح وزيرُ الشؤون الاستراتيجية الصهيوني، يوفال شتاينيتز، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الكيان الصهيوني سيتخذ جملة خطوات لمصلحة الفلسطينيين، ومنها السماح بدخول مواد البناء إلى قطاع غزة، وهذا للمرة الأولى منذ حرب ديسمبر 2008 وجانفي 2009.

اللافت للانتباه أن تصريح الوزير الصهيوني بخصوص تخفيف الحصار، يأتي في وقت يشتدُّ فيه حصارُ النظام الانقلابي المصري لغزة من خلال استمرار الجيش في غلق معبر رفح وعدم فتحه سوى سويعات محدودة في أيام معينة كل أسبوع، وكذا تهديم الأنفاق التي كان مبارك، على سوئه، يتغاضى عنها، ما خلّف أزمة إنسانية في غزة يميزها قلة المؤونة والدواء والوقود وانقطاع الكهرباء 16 ساعة يوميا، ما ينذر بكارثة إنسانية إذا لم يرفع النظامُ الانقلابي الحصار الجائر في أقرب وقت.

وأكثر من ذلك، بات النظام الانقلابي يهدد باحتلال غزة وإسقاط حماس بذريعة أنها تموِّن الجماعات السلفية المقاتلة في سيناء بالسلاح. وزعم الانقلابيون أنهم ضبطوا منذ أيام قنابلَ في سيناء تحمل أختام “كتائب القسام”، وقدّموا هذه الرواية البائسة للعالم دون أن يشعروا بمدى تفاهتها؛ فإذا فرضنا جدلاً أن حماس دعمت السلفيين، فهل يُعقل أن تترك وراءها دليلاً يدينها بكل هذه البساطة الشديدة؟ هل يصدِّق أحدٌ أن قادة حركة المقاومة على هذه الدرجة العالية من الغباء والسذاجة في التفكير؟

منذ أكثر من شهر ونحن نسمع الانقلابيين وإعلاميي الفتنة والتحريض الرخيص يرددون باستمرار ودون خجل أن الجيش المصري سيسحق حماس في ظرف ساعات ويحتلّ القطاع. ولا يكفّ هؤلاء المتبجِّحون عن إطلاق التهديدات وإظهار عنترياتهم الفارغة في كل لحظة ضد أشقائهم. تُرى، أين كان هؤلاء الذين يستأسدون الآن على إخوانهم في غزة حينما قام الجيش الصهيوني بتدمير سلاح الجو المصري على الأرض في 5 جوان 1967؟ ولماذا فرّ الآلافُ من الجنود المصريين في صحراء سيناء لا يلوون على شيء ورفضوا حتى إحراق دباباتهم وأسلحتهم الثقيلة حتى لا يغنمها العدوّ خوفاً من أن يحدد مكانهم ويلاحقهم بطائراته ويقتلهم، كما أورد سعد الدين الشاذلي في مذكراته؟

ليس من الشهامة في شيء أن يشارك الانقلابيون مع العدوّ في حصار إخوانهم لترضى عنهم أمريكا وتسكت عن انقلابهم وتدعمهم. وليس من المروءة أن يهددوا بغزو القطاع واحتلاله والتنكيل بإخوانهم الذين عانوا الويلات على يد الجيش الصهيوني.

إذا رفض الجيشُ المصري العودة إلى سياسية ما قبل كامب ديفيد، فهذا شأنه ولن يرغمه أحدٌ على خوض حروبٍ جديدة مع الجيش الصهيوني، وإذا رفض دعم المقاومة في غزة بالمال والسلاح وشتى أشكال الدعم، فلن يقدر أحدٌ أيضاً على إرغامه على ذلك، وسيحاسبه الله وحده على خذلان المقاومة، ولكن ليس من المقبول أن يتخلى عن محاربة الأعداء ويتفرّغ لمحاربة إخوانه الذين يرابطون في غزة استعدادا لحرب جديدة في أي لحظة، بهدف القضاء على مقاومتهم وتدميرهم وبالتالي المشاركة في جريمة تصفية القضية الفلسطينية وفرض سلام ذليل على الفلسطينيين بقيادة عباس؛ “سلام” يضيّع كل حقوقهم التاريخية ويمنحهم الفتات.

 

نرجو أن يثوب الانقلابيون في مصر إلى رُشدهم ويكفوا عن غيّهم وتهديداتهم ضد إخوانهم، ليس من حقهم أن يُنجزوا ما عجز عنه الجيش الصهيوني، فهي وصمة عار ستبقى في جبينهم ولعنة ستطاردهم إلى الأبد.

مقالات ذات صلة