الرأي

معركة من أجل البقاء!

قادة بن عمار
  • 4210
  • 6

من يعتقد أن الإخوان المسلمين يحاربون الآن في الشوارع والميادين من أجل عودة الرئيس المعزول والمنقلب عليه محمد مرسي إلى قصره الجمهوري مجددا فهو مخطئ، حتى خطاب المرشد محمد بديع حين قال للجماهير المؤيدة أن تستمر في الشارع حتى “نحمل مرسي على أعناقنا أو نفديه بدمائنا” فهو خطاب للاستهلاك الإعلامي لا أكثر ولا أقل!

الواقع أن جماعة الإخوان تحارب في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به مصر، من أجل قطع الطريق على جميع مبادرات التيار الليبرالي المتوحش والذي تحالف مع اليسار والناصريين من أجل اغتيال الجماعة وإرجاعها للعمل السري مجددا والتعجيل بعودتها لصفة المحظورة مثلما كانت عليه طيلة عقود ماضية، حتى لا تقوم لها قائمة مرة أخرى!

يدرك المعارضون في مصر، والذين يبحثون هذه الأيام عن أيّ تبرير للانقلاب على الديمقراطية والصندوق الذي احترمه الإسلاميون ووصلوا عبره إلى سدة الحكم، أن أي انتخابات حرة أو نزيهة قد تقع في المستقبل ووفقا لخارطة الطريق التي وضعها العسكر، سيفوز بها الإسلاميون مجددا، والإخوان تحديدا، لأنهم الأكثر تنظيما وليس شعبية!

المعارضة المتحالفة اليوم خلف القبعة العسكرية، ستجد في الغد القريب ألف سبب وسبب للانقسام مرة أخرى، على اعتبار أن ما يفرّقها أكثر مما يجمعها، عامل استغله الإخوان في أول انتخابات رئاسية حرة وشفافة شهدتها مصر، حيث انقسمت أصوات المعارضة بين رموز كان بوسعها أن تتحالف لتحقق الفوز ضد مرشح الجماعة وقتها، محمد مرسي، لكنها أخفقت وامتنعت، بل راح بعضها يساند آخر رؤساء حكومات المخلوع مبارك وكأنه لم تكن هنالك ثورة أصلا!

جماعة الإخوان تحارب الآن حتى لا تعود لصفة المحظورة مجددا، وحتى لا ترمى قياداتها في السجون بعد ما اعتادت على ممارسة السلطة ودخلت القصور، كما أن الضغط الشعبي هدفه في المقام الأول الحصول على تعويض معتبر في المرحلة الانتقالية يسمح للإخوان بالحصول على فرصة ثانية، يصححون من خلالها أخطاء كثيرة ارتكبوها حين وصلوا للحكم، خصوصا أنهم يدخلون المواجهة باعتبارهم أصحاب حق ضائع، بشهادة الجميع، حتى خصومهم، ودعكم هنا من حديث بقية الإعلام المصري على أن ما وقع ثورة شعبية، لأنه بهذا المنطق، لن تعيش مصر حالة المؤسسات أبدا، وسيصبح متاحا لكل جماعة ضاغطة أن تحشد الميادين لإسقاط أي رئيس لا يعجبها وقبل انتهاء عهدته الدستورية!

ليس متوقعا أن يعود العسكر إلى نقطة الصفر في انقلابهم، لكن رهانهم على بعض وجوه المعارضة التي لا يقتنع بها الشارع أبدا مثل محمد البرادعي هو رهان فاشل، على اعتبار أن محرك “الثورة الثانية” مثلما يطلق عليها البعض هذه المرة، هو شاب يدعى محمود بدر، مثلما كان وائل غنيم في الثورة الأولى ضد مبارك، أما رموز المعارضة فلم تلتحق بالركب إلا متأخرة لتحصد ثمار ما لم تزرعه أيديها، وهذا أيضا وجه من وجوه الانقلاب على الإرادة الشعبية الحقيقية لو كانوا يعلمون!

 

الأوضاع في مصر مرشحة للتصعيد، هذا مما لا شك فيه، حيث أن دعاة الانقلاب لا يدركون أبعاد ما ارتكبوه من مغامرة، حتى ولو اقتنعوا بفائدتها في البداية، فهي سرعان ما ستنعكس سلبا على الجميع، وحينها لن تنفع لا خارطة طريق ولا هم يحزنون!

مقالات ذات صلة