الرأي

معارضة بـ”الآس آم آس”!

قادة بن عمار
  • 3422
  • 15

الطبقة السياسية المراهقة في البلاد، لم تفلح سوى في تحقيق شيء واحد.. جعل الشعب يستقيل من ممارسة دوره في “الحياة العامة”، ممهِّدة لانتحاره سياسيا، بعدما باتت كلمة “بولتيك” تعني “الهف، والتمسخير، وقلة الأدب، والضرب تحت الحزام” !!

يعني حتى عبد الرزاق مقري الذي احترمنا موقفه بالمقاطعة، راح وبعد مدة قصيرة، “يترجى” السلطة أو يغازلها لإشراكه في الحوار من أجل اختيار مرشحها القادم، قبل أن يقاسمه “الشيخ عبد الله جاب الله” نفس الرغبة، فيدعو للمقاطعة وتأجيل الانتخابات مع فتح باب التفاوض مع السلطة “الفاسدة”.. وكل ذلك “في وقت واحد”؟!!

ما نعرفه عن “المعارضات القوية” أنها تفعل ولا تتكلم فقط، كما أنها ليست معارضة لـ”تشراك الفم” وفقط، مثلما هي في بلادنا.. بدليل أن السلطة رمت لهم عذرا قويا حين قالت إنها ستحرمهم من الحصول على قاعات للدعوة إلى المقاطعة، فاعتقد هؤلاء أنهم يخيفون حقا، وهم الذين لا يستطيعون إخافة “سلطة ناشئة ومفككة” وليس نظاما بوليسيا وقمعيا مغلقا مثلما هو في الجزائر؟!

الواقع أن “أشباح المرادية” و”تاڤارا” لم تنتعش، إلا لأن “عفاريت المعارضة الصبيانية” في الجزائر، لم تصل بعد لمرحلة “الفطام” حتى لا نقول “الرشد” وهي لا تخيف أحدا، بل تستعمل “بعض هدايا السلطة الغبية” لإيهام قواعدها النضالية أنها “معارضة وعْليها الهدرة”، والواقع أن حفنة من الشباب الذين يملكون ويديرون صفحات افتراضية على الفايسبوك واليوتيوب، باتوا أكثر نضجا من تلك المعارضات التقليدية، فهم الذين يفضحون سلوكات السلطة، ويقاومونها سلميا، ويدفعون لذلك ثمنا باهظا، فبعضهم دخل السجن ولم يخرج بعد، وما بدلوا عن “أفكارهم” تبديلا!؟

هؤلاء هم الذين يستحقون الاحترام والتقدير، فحتى أخطاؤهم و”عثراتهم” تعد مقبولة، ومنطقية ومتوقعة، على عكس “شيوخ التبلعيط” الذين خرجوا علينا بمعارضة جديدة، ومفهوم مغاير للمقاطعة، وشكل مختلف لمقاومة النظام، شعاره “الإنكار باللسان” وإرسال الرسائل القصيرة بـ”الآس.آم.آس”!!؟

في المدة الأخيرة، تبادل رواد الفايسبوك بشكل مكثف صورة جماعية لمسيرة من أحد شوارع العاصمة في التسعينيات، وفي مقدمتها يظهر بعض السياسيين البارزين في صف واحد، على غرار مقري، غول، عمارة بن يونس، خليدة تومي.. حينها فعلا، كان الذوبان ضمن مشروع نضالي واحد، تضحية ذات معنى، ووقتها، عاش الجزائريون حرية يحسدهم عليها الجميع، رغم وجود تلفزيون واحد، وأحزاب قليلة وجرائد تعدّ على الأصابع، لكن اليوم، كثرت التلفزيونات والجرائد، وتعددت المنابر وتناسلت الأحزاب، لكن ضاع النضال وماتت المعارضة، واستقالت المبادئ !!

مقالات ذات صلة