الرأي

مطلوب‭ ‬رئيس‭!‬

قادة بن عمار
  • 5294
  • 7

العسكر في مصر يريدون اغتيال الرئيس الجديد انتقاما لقائدهم السابق حسني مبارك الذي اغتالته الثورة قبل سنة، ثم أصابه فوز مرشح الإخوان المسلمين، أو ما تردد عن ذلك خلال اليومين الماضيين، بجلطة دماغية، تعدّ بمثابة الاغتيال السياسي الثاني له بعد حكم المؤبد ووضعه داخل‭ ‬القفص‭!‬

أخطأ المصريون حين عادوا لبيوتهم بمجرد عزل مبارك، وسلّموا السلطة لمجلس عسكري اتضح جليا أن وظيفته ليست حماية الثورة ولا الإرادة الشعبية، وإنما تلخص دوره في حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية من الصاعدين الجدد للسلطة، بدليل، أن هذا المجلس العسكري سحب كل صلاحيات‭ ‬الرئيس‭ ‬ساعات‭ ‬فقط‭ ‬قبل‭ ‬إعلان‭ ‬النتائج،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قرار‭ ‬الحرب‭ ‬والسلم‭!‬

العسكر يريدون جثة هامدة تحكم مصر، مثل جثة مبارك التي ترقد في غيبوبة الموت، كما أنهم لا يتصورون حاكما يختلف عن “الكتالوج” الذي وضعوه، حتى ولو جاء بإرادة شعبية خالصة. وقد ساعد العسكر على تنفيذ مخططهم هذا، تقارب الأصوات بين مرسي وشفيق، نتيجة أخطاء الإخوان المسلمين‭ ‬المتكررة،‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬قطاعا‭ ‬واسعا‭ ‬من‭ ‬المصريين‭ ‬يردد‭: ‬مستبّد‭ ‬نعرفه‭ ‬أحسن‭ ‬من‭ ‬مستبد‭ ‬لا‭ ‬نعرفه‭!‬

كان على الجنرالات أن يضعوا إعلانا في الصحف يقولون فيه: مطلوب رئيس جنتلمان، بعيون عسلية، يصلي أيام الجمعة والأعياد فقط، ومتعاون مع إسرائيل، لا يقلقه وجود السفارة الصهيونية بالقاهرة، وقراراته تُطبخ في أمريكا قبل أن يعرفها الشارع المصري!

ما‭ ‬فائدة‭ ‬الانتخابات‭ ‬إذن،‭ ‬حين‭ ‬يستحوذ‭ ‬العسكر‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬للمدنيين،‭ ‬ويقررون‭ ‬حتى‭ ‬للرئيس‭ ‬شكل‭ ‬ولون‭ ‬ملابسه‭ ‬الداخلية،‭ ‬ويحولونه‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬طرطور،‭ ‬أو‭ ‬أطرش‭ ‬في‭ ‬الزفة،‭ ‬مثلما‭ ‬يقول‭ ‬المصريون‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭!‬

رئيس من هذا النوع المتخاذل، والفصيلة الرخيصة، ليس مضرّا فقط بمصلحة المصريين، ولكنه مضرّ أيضا للفلسطينيين وتحديدا في غزة الذين خرجوا للاحتفال بفوز محمد مرسي قبل خروج المصريين في ميدان التحرير، لأنهم يدركون جيدا ماذا فعل مبارك بهم حين منع عنهم الغذاء والدواء‭ ‬والماء‭!‬

أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬ترقّب‭ ‬إعلان‭ ‬فوز‭ ‬محمد‭ ‬مرسي‭ ‬بالرئاسة،‭ ‬تصريحات‭ ‬رموز‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الفاشستي‭ ‬حين‭ ‬قالوا‭ ‬أن‭ ‬وصوله‭ ‬يعني‭ ‬بأن‭ ‬الحدود‭ ‬المصرية‭ ‬باتت‭ ‬معادية‭ ‬لتل‭ ‬أبيب‭!‬

أما إعلان فوز أحمد شفيق فهو يعني عودة مبارك من الموت السريري، ليسكن قصر الرئاسة مجددا، وليحرص على تهنئة زعماء عصابات القتل والإجرام في الكيان الصهيوني بأعياد ميلادهم أكثر من حرصه على توفير رغيف الخبز لأبناء شعبه المساكين!

حين يسمع المصريون اليوم اسم رئيسهم الجديد، سيكون عليهم أن يقرروا إمّا دفن الثورة دون الصلاة عليها، لو توّلى السلطة جنرال جديد، يمارس استبداده بقفازات ناعمة، أو أن يصلّوا أخيرا على شهدائهم الذين سقطوا في الميادين، حين يلتحق آخر الجنرالات بقائدهم الذي علّمهم‭ ‬الخيانة،‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬يواجه‭ ‬الموت‭ ‬وحيدا‭ ‬دون‭ ‬خدم‭ ‬ولا‭ ‬حشم،‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬معتبر؟‭!‬

مقالات ذات صلة