الجزائر
صنعوا صورا رائعة وحملوا شعارات سياسية واجتماعية

مشاركة الأطفال في الحراك الشعبي.. بين الترحيب والتحذير

الشروق أونلاين
  • 3060
  • 0
ح.م

الأطفال رمز البراءة، والعفوية.. هم الحب والسلام، وهم الحلم.. يتفتحون كالبراعم تحت الضوء وتشرئب أعناقهم كالزهور نحو كل ما هو جميل ومشع بالنور.. وجاء الربيع في الجزائر بمسيرات سلمية للمطالبة بالتغيير، فكان هؤلاء الأطفال هم زهورها المتفتحة، وعطرها الزكي..وعرفت مشاركتهم في الحراك الشعبي جدلا بين المختصين بين مرحب ومحذر من استغلال الطفولة في قضاية لا يفقهون منها شيئا..

يبتسمون ويضحكون ويقهقهون، ويصرخون “التغيير .. التغيير .. لا للخامسة”، بعضهم واعون بما يدور حولهم وبعضهم رضع لا يرون إلا صورة بشرية متناسقة، ولا يحسون إلا بدفء التلاحم والتضامن، لكن عيونهم البريئة تحمل بريق الأمل، وتتطلع إلى شيء جميل لم يحدد بعد!

هكذا كانت مسيرة الجزائر يوم 8 ماي وقبلها، سلمية، خرجت فيها العائلات.. نساء رجال، شيوخ وعجائز، مرضى، معوقون، وأطفال، ورضع.. صورة تاريخية فاقت كل التوقعات، أعطت مصداقية السلمية، خاصة وأن الكثير من الجزائريين غامروا واصطحبوا أبناءهم حتى الرضع منهم، إلى المليونية المتظاهرة متيقنين أنها تتحلى بالطابع السلمي.

ناصر جابي:  المسيرات كانت عائلية والأطفال رمز السلمية

ناصر جابي

أكد، الباحث في علم الاجتماع السياسي، الأكاديمي ناصر جابي، أن مسيرة 8 مارس المتزامنة مع عيد المرأة، والتي شهدتها مدن الجزائر، وخاصة العاصمة، كانت عائلية بامتياز، وقدمت ضمانات عدم وجود عنف، حيث كانت هذه العائلات حسبه، مطمئنة ولهذا غامرت بأطفال ورضع ومرضى ومعوقين، كما أن وجود هذه الفئات الهشة، رمز قوي لحركة هادئة وكأنها جلسة عائلية، أو نزهة ترفيهية.

ويرى جابي، أن خروج وجود الأطفال في مسيرة الجزائريين للمطالبة بالتغيير ورفض العهدة الخامسة، هو تنشئة اجتماعية ميدانية، وهي دروس نفسية جماعية، حيث لعبت على المستوى السيكوسيسيولوجي للأسرة.

وقال خبير علم الاجتماع، ناصر جابي، إن نجاح المسيرة، سيترك أثرا بليغا في سلوكيات الأجيال القادمة، وإن الأطفال الذين حضروا هذه المسيرة، شعروا بالاطمئنان، وتولد لديهم شعور بالاندماج داخل الجماعة الوطنية، وهو اندماج ايجابي، حسب جابي، سيولد لديهم مستقبلا الثقة بأنهم أجيال الانتصار لا أجيال الانكسار.

واعتبر ناصر جابي، أن وجود العائلات في جو بهيج علاج نفسي، زرع التفاؤل في الأطفال والمراهقين، وفي حال نجاح الحراك الشعبي، فإن التنشئة الاجتماعية في المسيرة سيغير سلوك الفرد والأسرة بشكل ملحوظ.

ابراهيم بهلولي: تظاهر الأطفال مسموح بحضور الأولياء

بهلولي

في السياق، قال ابراهيم بهلولي، محامي وأستاذ في كلية الحقوق ببن عكنون، إن المسيرة السلمية شارك فيها الرضع والأطفال وهم قصر وتحت مسؤولية أوليائهم، ولا يوجد أي قانون يمنع وجود هؤلاء الأطفال في التظاهر السلمي.

واعتبر، مشاركة شريحة الطفولة في مسيرات الجزائر، اعترافا قانونيا لسلمية هذه المسيرات، وتأكيدا قطعيا لعدم وجود أي عنصر من العناصر التي تمس بسلامة الأشخاص، وهي سابقة في دول العالم العربي والعالم الثالث، حسب بهلولي.

وأوضح ابراهيم بهلولي، أن المسؤولية تقع على الأولياء في حال وجود انزلاق داخل المسيرة، ولكن عدم تسجيل أي حوادث كالاعتداءات والتحرشات، وتحطيم الممتلكات أثناء المسيرة، يعطي لجمعيات حقوق الإنسان، الدفاع عن حق الطفل الذي شارك بصوته وحضوره للمطالبة بالتغيير، فهو المستقبل، وهو أكثر الفئات الصادقة، فمشاركته تضفي الشرعية على المطالب.

وقال بهلولي “إن مخاطرة الجزائريين ومغامرتهم بفلذات كبدهم لإثبات مصداقية المسيرة السلمية، من أجل إحداث صدى محلي وعالمي، قمة التحضر، كما أن ذلك يعكس تماما ما كانت توصف به المجتمعات في العالم الثالث”.

وأكد المحامي إبراهيم بهلولي، أن المسيرة السلمية للجزائريين ضد العهدة الخامسة، خلت من السب والشتم وأعمال العنف والتحرش، فهو استثناء شهد عليه الأطفال ما قد يصبح رمزية لسلوك مجتمعي، يتجه نحو احترام الآخر، والحقوق والواجبات.

شبكة ندى تحذر من الزج بالأطفال في المظاهرات

عرعار

وعلى خلاف من سبقوه، حذر رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل “ندى” عبد الرحمان عرعار، العائلات الجزائرية من الزج بأبنائها في المسيرات المنظمة ضد العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة، ورفض إشراك البراءة في القضايا السياسية، والصراعات الحزبية.

وقال عرعار، إن الأولياء يتحملون المسؤولية القانونية والمدنية، تجاه أبنائهم، عندما يتظاهرون ويشاركون في المسيرات، فقد أكد أن الجمعيات الحقوقية المهتمة بالأطفال لديها الحق قي الدفاع عن هذه الشريحة والسعي لحمايتها من الزج بها في المظاهرات.

واستحسن في السياق ذاته، رئيس جمعية “ندى”، مشاركة العائلات الجزائرية بجميع أفرادها في مسيرة 8 مارس الجاري، وقال إن وجود الأطفال والرضع أعطى لها مصداقية السلمية، ولكن على هذه العائلات أن تعي، حسبه، أن الذهاب بالأطفال إلى مسيرات قادمة هو تعريضهم لأي خطر قد يقع، أو أي انزلاق، وتجاوزات محتملة.

مقالات ذات صلة