مسكين حاليلوزيتش!
![مسكين حاليلوزيتش!](https://i.dzs.cloud/echoroukonline.com/placeholder.png?resize=790,444.375)
تحتاج السلطة في الوقت الراهن إلى انتصارات، ولو مؤقتة من أجل اطفاء لهيب احتجاجات لا تريد أن تهدأ، بل تتصاعد يوما بعد آخر، وإلى خريف كروي يُجهض معه كل محاولات الربيع المؤجل، خصوصا أن المنافسة القارية في جنوب افريقيا هذه المرة تترافق مع صراع متزايد سرّا وعلنا حول رئاسيات غامضة، لذلك كان مفهوما أن الرئيس بوتفليقة وفي عزّ أزمة عين أميناس وجد وقتا ليبعث رسالة تشجيع لرفاق فغولي في جنوب افريقيا، رغم أن هدف المساكني في مرمى الخضر خلال الوقت الضائع كان تأثيره على البعض أشد قسوة من وقع الحسام المهند!
مسكين حاليلوزيتش، فالرجل مطلوب منه تنفيذ مهمة رياضية بنكهة سياسية، وهو يدرك تماما ما معنى أن تكون مدربا للفريق الوطني لكرة القدم في الجزائر، حيث تمنحك السلطة كل المغريات والمنح والعطايا، لكن في المقابل، مطلوب منك منح تلك السلطة قبل الشعب، الفوز الأكيد والنصر العظيم، وإلا فإن النقد الشديد سيحمّلك مسؤولية كل شيء، من هزيمة كروية بسيطة وحتى عن ثقب الأوزون وإعصار كاترينا؟!
حاليلوزيتش وبمجرد الهزيمة الأولى في المقابلة ضدّ تونس، حتى انقلب عليه المنقلبون وأشبعوه كلاما جارحا في صحافتهم التي نصّبته قبل أيام قليلة مدربا عالميا ومحترفا، وهو نفسه المدرب الذي سيأكلون لحمه حيّا اذا ما خرج من الدور الأول لكأس افريقيا أو لم يحصل على اللقب مثلما وعد الحاج روراوة الجميع بما في ذلك بعض أسياد القرار حتى يعلّق حالة الغضب الشعبي مؤقتا تحت مسمى نصر كروي جديد..
نقول مسكين حاليلوزيتش -رغم الملايير الكثيرة التي يتقاضاها في الشهر- لأن التعامل مع الرجل، يكرّر مأساة رابح سعدان الذي أطلق عليه البعض لقب شيخ المدربين في ظلّ وجود كرمالي حيا يرزق، وتم رفعه على الأكتاف بمناسبة التأهل للمونديال وقتها، وأيضا الوصول إلى دور نصف النهائي في كأس افريقيا، قبل أن تنقلب عليه الآراء ويتحول إلى مجرد إمّعة لدى البعض، وليقول عنه هؤلاء أنه لم يكن شيئا مذكورا أصلا في عالم التدريب، بل ان حجم النقد الذي تعرض له سعدان أكبر بكثير من جميع المدح الذي كيل له عن حقّ أو بهتان لسنوات. ليس المطلوب أن نهين حاليلوزيتش، لكن المطلوب هو محاسبته، والوقوف أيضا على حقيقة ما وقع في المقابلة الأولى، ونتمنى أن لا يمحي أيّ فوز ما سبقه، لأن النصر لا يعني نسيان الهزيمة.
هكذا نحن، ولا نريد أن نتغير، نرفع الواحد إلى مستوى أعلى من مكانه الطبيعي، وحين تضيق بنا السبل، ونضطر للبحث عن أي كبش فداء لوضعية هزيلة عامة أو “مكرفسة” مثلما نقول في لهجتنا الشعبية، فإننا نفتش عن الشخص ذاته، ونهبط به من أعلى عليّين، بل نُهينه على المباشر ونحتقره وكأنه لم يكن أبدا ذلك البطل الوهمي الذي اخترعناه يوما، ثم أكلناه.