الجزائر
محذرا من الاستغلال المنهجي للإسلام في الخطاب السياسي

مسجد باريس يتجاهل تهديدات اليمين المتطرف ويتمسك بقطع الطريق عليه

محمد مسلم
  • 977
  • 0

يدخل مسجد باريس الكبير لأول مرة سجالا مشروعا ومصيريا مع سياسيي اليمين المتطرف، بينما يتواجد هذا الأخير على أعتاب “قصر الماتينيون” لإدارة الجهاز التنفيذي، في حال فوزه المرجح في الانتخابات التشريعية المسبقة، المرتقبة في الثلاثين من الشهر الجاري.

غير آبه بتصعيد الموقف من قبل حزب “الجبهة الوطنية”/”التجمع الوطني”، الذي بادر بمساءلة الحكومة بسبب اصطفاف عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز، ضد مرشحيه في الانتخابات التشريعية المقبلة، استقبل هذا الأخير، النائب الأول لرئيس بلدية باريس، إيمانويل غريغوري والمرشح عن الدائرة السابعة بباريس، ضمن تكتل “الجبهة الشعبية الجديدة”، الخصم اللدود والرئيس لحزب لوبان.

أهداف اللقاء واضحة ولا تحتاج إلى توضيح، فقد شرحتها ببلاغة تغريدة لمسجد باريس الكبير، جاء فيها: “لقاء ممتاز بين عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز وإيمانويل غريغوار، النائب الأول لرئيس بلدية باريس، الذي يشارك مسلمي فرنسا همومهم في هذه الفترة شديدة التوتر”.

وتشير تغريدة إدارة مسجد باريس، من خلالها توظيفها عبارة “الفترة شديدة التوتر”، إلى الظرف السياسي الحاسم الذي تعيشه فرنسا منذ التاسع من الشهر الجاري، والذي شهد فوز “الجبهة الوطنية”/ “التجمع الوطني”، اليميني المتطرف، في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وما تلاها من دعوة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لانتخابات تشريعية مسبقة، مرتقبة نهاية الشهر الجاري.

وكان النائب جوليان أودول عن الحزب اليميني المتطرف قد وجه سؤالا لوزير الداخلية الفرنسي، جيرالد موسى دارمانان، انتقد من خلاله صمت الحكومة الفرنسية، على ما اعتبرها تدخلا من قبل عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز في الشأن الانتخابي الفرنسي، بسبب مقالات نشرها على موقع المسجد على الأنترنيت، حذر فيها الناخبين من الجالية المسلمة المقيمة بفرنسا، من سيطرة حزب لوبان على مقاليد الجهاز التنفيذي في باريس.

وفي قراءة لا يخطئها المراقب للسجال الدائر بين واجهة الجالية المسلمة في فرنسا، ممثلة في إدارة مسجد باريس الكبير، واليمين المتطرف الفرنسي، لم يترك شمس الدين حفيز بصفته عميد المسجد، الفرصة تمر دون أن يرد بطريقته الخاصة، متجاهلا هواجس حزب عائلة لوبان، الذي تدير دفته مارين لوبان من خلال شخص شاب يفتقد للخبرة، هو جوردان بارديلا.

وعبر مسجد باريس في بيان له عن “رفضه الشديد لهوس السياسيين والإعلاميين بالإسلام والمسلمين، خاصة في هذه الفترة الانتخابية الحاسمة”، في إشارة واضحة لليمين المتطرف الذي يحاول إبعاد الجالية المسلمة المقيمة في فرنسا، عن المعترك الانتخابي، لإدراكه بأن تجند هذه الجالية في انتخابات 30 جوان الجاري التشريعية، سيفقده الكثير من قوته التي أبان عنها في التشريعيات الأوروبية الأخيرة.

وفي محاولة لتفنيد ما تردده الأوساط اليمينية المتطرفة ومعها وسائل الإعلام الفرنسية الموالية لهذا التيار السياسي، يقول المسجد الكبير في بيانه: “نحن نحث هذه الجهات على التوقف عن نشر التفسيرات الخاطئة للإسلام. ويؤكد المسجد الكبير في باريس من جديد تمسكه الراسخ، وكذلك تمسك غالبية المسلمين الفرنسيين، بالجمهورية والعلمانية، التي ترسم حدودا واضحة بين الدين والسياسة”.

ثم ينبري للرد على حزب لوبان، الذي دعا المسجد على عدم الخوض في الشأن السياسي الفرنسي: “إن الاستغلال المنهجي للإسلام في الخطاب السياسي، وفي كثير من الأحيان بطريقة تحقيرية، يجبرنا، كمؤسسات دينية إسلامية، على التدخل في النقاش السياسي حول هذه القضية المحددة. وبالتالي، فإن المسجد الكبير في باريس يدعو القادة السياسيين إلى احترام التزامنا بالعلمانية من خلال البقاء ضمن مجالات اختصاصهم”.

ويختم البيان: “في هذه الأوقات المضطربة، حيث يتم وضع القيم الإنسانية للجمهورية على المحك، وحيث يولد الخوف عدم الثقة بين مواطنينا، بمن في ذلك المسلمون، نطلق نداء من أجل إيقاظ الضمائر والعمل من خلال عملية الاقتراع، التي تبقى الطريقة الوحيدة لجعل صوتك مسموعا”.

مقالات ذات صلة