الرأي

مزيد من الأخطاء!

قادة بن عمار
  • 5111
  • 16

العجن الكثير بشأن قرارٍ لا يغني ولا يسمن من جوع مثل رفض الجزائر المطالبة بتنحي الأسد عن السلطة، هو مضيعة للوقت، لن تقدّم ولن تؤخر في رأي الغالبية العظمى من الجزائريين، بعدما بات هؤلاء يعتقدون أن النصر الوحيد الذي حققه الرئيس بوتفليقة عبر استرجاعه مكانة الجزائر على الساحة الدولية، أصبح مهددا بالزوال قبل سنتين من مغادرته منصب الرئاسة!

الإبقاء على السيد مراد مدلسي وزيرا للخارجية يعدّ في حد ذاته مؤشرا انتحاريا، ودليلا قويا على ذلك التراجع، بدليل فضيحة كلامه باللغة الفرنسية أمام وزراء خارجية العرب والعجم بباريس، وفي الذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال على طريقة كركلا اللبناني!

مدلسي هو ذاته المسؤول الذي وقف قبل سنوات أمام قاضية المحكمة في فضيحة الخليفة، ليقول إنه كان وزيرا للمالية “يجهل” أبسط أبجديات التسيير البنكي والمالي، ولا ريب أنه لو تم فتح ملف العلاقات الخارجية في سنوات توليه الوزارة، سيدافع عن نفسه بالقول إنه كان مجرد منفذّ لسياسة الرئيس، مثلما يردّد غالبية الوزراء في الحكومة حين يُسألون عن أعمالهم ومهامهم!

الخطأ إذن ليس في امتناع الجزائر عن طلب تنحي الأسد من السلطة، ولا في غياب التأثير المباشر عن الوضع في مالي، أو الاختفاء عن لعب دور في القضية الفلسطينية، ولكن المشكلة الأساسية أكبر من ذلك بكثير، وهي لا تتعلق فقط بتعيين مراد مدلسي وزيرا للخارجية، ولكن في الاستمرار بالإبقاء عليه في منصبه كل هذه السنوات، حتى تمنينا لو أنه ترشح للتشريعيات السابقة، فأراح واستراح مثلما فعل وزراء غيره في الحكومة، ظنوا أن تسابقهم على مقعد في البرلمان، سيمنحهم عطلة مؤقتة بعيدا عن كراسيهم في الحكومة!

ما فائدة تبديد المال العام على شراء صفحات بأكملها في جرائد ومجلات عالمية، إذا كان قرار مثل الذي تم اتخاذه في جامعة الدول العربية بمناصرة الأسد ضد الثورة، سينسف كل مجهود، ولن يجد له صدى سوى في القصر الجمهوري بدمشق والضاحية الجنوبية لبيروت وكذا العاصمة الإيرانية طهران!

حتى روسيا والصين تتلاعبان بالأسد كالدمية، وتقولان تارة إنه سيتنحى بطريقة حضارية، ثم تمارسان حق الفيتو ضمانا لبقائه، وبحثا عن مقارعة أمريكا والغرب عموما في إطار حرب باردة ومفتوحة على تزعّم المنطقة!

نحن ومن خلال الوزير مدلسي، والسياسة الخارجية التي يتحدث باسمها، لا نمارس لا حربا باردة ولا ساخنة، بل لا نمارس حربا أصلا، ولكننا نؤثر الصمت حين يجب الكلام، ونمارس دور التلميذ المتأخر عن فصله الدراسي، مثلما وقع لنا في ليبيا!

ما فائدة الخروج بهذا الموقف الشاذ أصلا في جامعة عربية ميّتة، طالما أن الوضع في سوريا لن يحسمه حتى مجلس الأمن، ولا التدخل الخارجي المباشر، بل إن الشعب السوري المؤمن بالحرية وضرورة التغيير، بات هو صاحب القرار النهائي فعلا، وهو ليس في حاجة بالمناسبة لأن يُذكّره مراد مدلسي بذلك تحت قبة الجامعة.

مقالات ذات صلة