منوعات
الشروق تعود لأم درمان بعد عام على الملحمة

مزارات لمدفع عنتر يحي ومقام للشيخ سعدان

الشروق أونلاين
  • 33830
  • 105

عادت “الشروق” لمدينة أم درمان وبالضبط لمعلب المريخ، بعد مرور عام بأكمله على المباراة الفاصلة المؤهلة لكأس العالم بجنوب إفريقيا بين المنتخب الجزائري ومنتخب مصر، وبعد القرعة التي جرت مؤخرا بالعاصمة السودانية الخرطوم الخاصة بأمم إفريقيا للمحليين، التقت أهل أم درمان والخرطوم.. حمّلوا رسائل للجزائريين والخضر، وشكروا الشروق التي رووا لها طرائفهم مع مناصري الخضر.. قصص استطعنا نقلها وأخرى تركناها لسودانيين يتداولونها فيما بينهم وينقلونها لضيوفهم..

تزامنت زيارة “الشروق” لملعب المريخ السوداني أو القلعة الحمراء، وخروج طلبة جامعة القرآن الكريم في الفترة المسائية، وما إن علموا أننا من الشروق الجزائرية، حتى بدأؤوا يسردون لنا قصصا وطرائف وقعت لهم مع المناصرين الجزائريين العام الماضي.. هي أيام عاشوها معهم، تقاسموا من خلالها طبق الأرز، أو فنجان شاي، أو حتى جلسة مسامرة.. سودانيون حكوا للشروق بكثير من الإعجاب والحنين، ما جمعهم بمناصري الخضر، في الأيام التي سبقت المباراة، أثناءها.

 

نور.. سخر حافلتَه للجزائر وديمة توزع الشاي “ببلاش”

من بين القصص الطريفة التي تذكّرها الأشقاء في السودان، قصة الشاب نور، صاحب حافلة نقل خاصة، الذي كان يتحدث إلينا ويكرر عبارة “الجزائريون مجانين والله مجانين”، وحين سألناه كيف ذلك، قال إنه لم يشتغل في تلك الأيام أبدا، لكنه حصل على أفضل الأسعار، فقد أجر المناصرون الجزائريون حافلته، طوال تلك الفترة، لكن ليس لنقلهم ولا لنقل زملائهم ولا حتى للسودانيين، بل تم صبغها كلية بالألوان الوطنية وتزيينها بالعلم الجزائري، وطلبوا منه أن “يتجول طوال النهار في شوارع الخرطوم من أجل صناعة جو جزائري مائة بالمائة”، وطبعا تم ذلك، خاصة وأنه يقول إن “السعر كان مغريا جدا، إضافة إلى أني كنت مستمتعا كثيرا وأنا أستمع للأغاني الرياضية التي زودوا حافلتي بها، وكل شارع أمر به إلا ويخرج السودانيون من بيوتهم ومحلاتهم ليشاهدوني” يضيف نور، وإذا كان نور قد أجّر حافلته، فشمس الدين أجّر سيارته طيلة الأسبوع الذي شهدته المباراة، لمناصرين كانوا يستقلونها من أجل تنقلاتهم وكذا تشجيعهم للخضر.

ديمة خمسينية في العمر، تبيع الشاي على شاطئ النيل الأزرق، والتي كانت توزع  الشاي مجانا على المناصرين الجزائريين، ورفضت أن تأخذ منهم المال لأنهم ضيوف على بلدها..

فاروق أهدى سيارته، عبد الحليم أخلى بيته وبشير أجر شققه بمبلغ رمزي

“حين قصدني جزائريون من أجل تأجير سيارتي وعرضوا علي مبلغا، قلت لهم لو أتيت الجزائر هل ستؤجرون لي سيارتكم، فقالوا بصوت واحد يا أخي ستكون ضيفنا كيف سنؤجر لك لن نسمح لك بدفع شيء، فقلت لهم لستم بأكرم مني” يقول فاروق، مضيفا أنهم ترددوا في أخذ سيارته بالمجان، لكن أمام إصراره قبلوا. وغير بعيد عن فاروق، يروي البشير صاحب شقق للإيجار، أنه أجر شققه بنصف المبلغ المفروض، وطلب منهم أن لا يزيد عددهم داخل الغرفة الواحدة العدد المعتاد الذي يسمح به، غير أنه تفاجأ بخرقهم لقوانينه، فالشقة الواحدة أوَت العشرات، لكنه يضيف لم أستطع فعل شيء بل حييت فيهم لحمتهم مع بعض في أوقات صعبة.. عمّي عبدالحليم قام بتصرف يراه واجبا وحق الضيف على أهل البلد، فقد أخلى بيته القريب من مدينة أم درمان طوال تلك الفترة، ليفسح المجال للجزائريين، مضيفا أن الكثير من جيرانه لما سمعوا بما فعل حذوا حذوه، ولم يخبر ضيوفه أنه أخلاه من أجلهم، بل قال لهم إنهم مسافرون، وهذا – يقول العم عبد الحليم – لأنه كان يعرف مسبقا أنهم لن يوافقوا، مضيفا أنه استمتع معهم طيلة أيام المباراة.

جزائريون صبغوا المباني، نظموا المرور، واشتروا تذاكر للسودانيين.. 

يحكي أحد السودانيين أن سكان الشارع الذي كان يسكن فيه في الخرطوم تفاجؤوا بالألوان الجزائرية في الأيام الأولى من سفر المناصرين، تصبغ كل واجهات سكناتهم المطلة على الشارع الرئيسي، والسبب لأن جيرانهم الجدد مناصرون جزائريون، والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل طلب هؤلاء المناصرون من السكان تعليق الرايات الوطنية في شبابيكهم، وتم هذا فعلا، وغير بعيد عن هذا التصرف فقد أكد بعض آخر أنهم كانوا ينضمون للجزائريين في الشوارع من اجل الخلاص من زحمة الطريق، لأن بعض الجزائريين كانوا ينزلون من الحافلات والسيارات من أجل تنظيم السير ووقف المارة وإخلاء الطريق التي يستقلونها، مما دفع بالكثير من السودانيين بالانضمام إلى مواكبهم،.. ويوم المباراة شأن آخر، فحين امتلأت جهة المناصرين الجزائريين في ملعب القلعة الحمراء، وبقي متسع في المكان المخصص للسودانيين، وبقي عدد كبير من المناصرين الجزائريين خارج أسوار الملعب، لم يفوتوا الفرصة أمام تقديم دعم أكبر للخضر، فقد أعطوا تذاكرهم للسودانيين الراغبين في مناصرة الخضر وزودوهم بالإعلام الجزائرية، مما سمح بدخول عدد كبير من السودانيين لمناصرة الفريق الجزائري..

هنا كان يجلس الشيخ رابح.. هناك مدفع عنتر يحيى

هذه العبارة نقلها لنا عدد من موظفي فندق برج الفاتح بالخرطوم والذي احتضن أعضاء البعثة الجزائرية، في فترة المباراة، حيث يحتفظون بأجمل الذكريات مع الفريق الجزائري، يقول أحد الموظفين الذي ما إن عرف أننا من الجزائر حتى بدأ يسرد كيف كان يلتقط بعض الصور للكابتن رابح سعدان وهو يجلس على كرسي بعيدا عن اللاعبين، في قاعة الاستقبال بالفندق ويدوّن ملاحظاته في كراسته الصغيرة “لقد أصبح مقاما مباركا على حد قوله، والذي أضاف أنه كان يود أن يطلب العذر منه لكنه خاف من مغبة طرده من العمل، غير “أنه ساورني في بعض الأحيان أنني لو طردت لأصبحت نجما بفضل الصحافة الجزائرية وستتهافت وتتهاطل علي طلبات العمل” يعلق مازحا، وراح يتذكر المكان الذي كان يجلس فيه عنتر يحيى ورفقاؤه وقذفته المدفعية التي هزت عرين الحضري فسقط بالضربة القاضية، قائلا إن كل من يقصد هذا الفندق، يخبرونه أن الفريق العربي الوحيد المتأهل لكأس العالم مر من هنا، وهذا مكسب للفندق طبعا..

ننتظركم في أمم إفريقيا وسنناصر الخضر نيابة عنكم  

اغتنم السودانيون فرصة تواجد جريدة الشروق بالشارع الرئيسي لملعب القلعة الحمراء بأم درمان، لتحميل رسائلهم لأشقائهم الجزائريين، مفادها سواء حضرتم في مباراة السودان التي ستجمعه بنظيره الجزائري ضمن منافسات بطولة الأمم الإفريقية فيفري القادم أم لا، فنحن سنناصر الفريق الجزائري إكراما له ولتمثيله العرب في كأس العالم.. حيث يقول أحمد إن مناصرة الفريق العربي الوحيد الذي تأهل لكاس العالم الأخيرة، مفخرة له، وهو الرأي الذي تراه منيرة أيضا وتوافقه عليه وهي طالبة بنفس الجامعة، مضيفة أن الشعب الجزائري دائما يقف إلى جانب أخيه السوداني في قضاياه، ولذا من واجب أي سوداني مناصرة الخضر، أما عبد الحميد وهو طالب بجامعة الخرطوم، فيرى مناصرة الفريق الجزائري في بطولة أمم إفريقيا للمحليين “حق جزائري على شقيقه السوداني”، فيما يراه زميله سعيد “واجب إكرام ضيف عزيز”، آمنة التي تأسفت كثيرا لسماعها بخبر وقوع فريق الجزائر مع الفريق السوداني في المجموعة ذاتها، خلال الدور الأول، قالت إن هذا الأمر لن “ينقص من أخوّتنا للشعب الجزائري والمنتخب العربي الوحيد الذي مثلنا في كأس العالم”، مضيفة أنها تأمل في أن ترى المناصرين الجزائريين وهم “يصنعون أجمل اللوحات الرياضية في مدن السودان مثلما فعلوها العام الفارط”، هذه الآراء لم تكن هي الوحيدة المرحبة بالفريق الجزائري شهر فيفري القادم، بل عبّر عدد كبير من السودانيون خاصة أهل مدينة أم درمان، الذين أرسلوا تحية للشعب الجزائري خاصة محبي الخضر عبر صفحات الشروق، وأبدوا استعدادهم لمناصرة الجزائر في ظل غياب محتمل لمناصري الخضر..       

 

سودانيون لم يزوروا أم درمان إلا بسبب الإعلام الجزائري 

من الغرائب التي وقفت الشروق عليها خلال زيارتها للمدينة التي تحتضن ملعب المريخ، وحسب شهادة السودانيين أنفسهم، حول مدينة أم درمان، وملعبها الذي أصبح الجزائريون يعرفونه شبرا شبرا، أن عددا كبيرا من السودانيين لم يكونوا يعرفون مدينة أم درمان جيدا، أو لم تكن تعني لهم سوى ما تعنيه إحدى مدن السودان المتعددة، كما أنها مدينة تعرف ازدحاما شديدا طوال اليوم تقريبا، تجعل المواطنين غير القاطنين بها يتفادون زيارتها، كما أنها مدينة بسيطة في مقوماتها الاقتصادية، مما يجعل المواطنين يتوجهون لكبريات المدن السودانية كالخرطوم.. ومن بين الآراء التي رصدتها الشروق، كان رأي أحمد طالب سنة أولى بجامعة أم درمان الإسلامية، الذي قال إنه أول مرة يدخل ملعب القلعة الحمراء بالمريخ كان يوم مباراة الجزائر مع مصر في اللقاء الفاصل والمؤهل لكأس العالم بجنوب إفريقيا، كما أنه ليس من المهتمين أصلا بالرياضة خاصة كرة القدم، وسبب دخوله هو ما أوردته المؤسسات الإعلامية الجزائرية من أخبار عن مدينة أم درمان والصورة الطيبة التي تركتها في ذهنه، أمينة طالبة بجامعة أم درمان تؤكد أنها كانت تخرج للشارع الأيام التي سبقت المباراة الفاصلة فقط لمشاهدة اللوحات الفنية التي كان يصنعها المناصرون الجزائريون، بمدينتي أم درمان والخرطوم، خاصة الأغاني التي كانوا يرددونها والأعلام التي غزت الشوارع، وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه العم أحمد صاحب سيارة أجرة، وعبد الكريم، يحيى، وسيف الإسلام، وهم طلبة بجامعة الخرطوم، وغير بعيد عن هؤلاء ذكرت السيدة نور الهدى وهي دكتورة بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، أنها لم تزر أم درمان في حياتها، وسبب زيارتها كان ما قرأته على صفحات الشروق، خاصة الأوصاف التي نعتت بها المدينة، مما أثار في نفسها حب الإطلاع عليها، وهو ما حدث فعلا، رأي ذهب إليه أيضا عبد الناصر صاحب محل بالخرطوم والذي قال إنه أصبح مدمنا على قراءة ما تكتبه الصحافة الجزائرية عن أم درمان، وأنها دخلت التاريخ من بابه الواسع، خاصة ما ذكرته الشروق، ولهذا حمل هؤلاء وآخرون تحدثنا إليهم في جولتنا رسالة شكر، خاصة للشروق التي يقولون إنها دافعت أمام قنوات الفتنة تماما مثلما دافعت على الجزائر..

مقالات ذات صلة