العالم
يعاديهم ويضرب مصالحهم لكنه يطمع في الحصول على أصواتهم

مرشحان من أصول جزائرية لليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية

محمد مسلم
  • 3519
  • 0
أرشيف

في قرار مثير للتساؤل والاستغراب، وضع اليمين المتطرف الفرنسي، ممثلا في حزب عائلة لوبان، “التجمع الوطني”، وضع مرشحين اثنين من أصول جزائرية على رأس قائمته في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، التي تجرى الأحد التاسع من جوان الجاري 2024، على رأس قائمته الانتخابية.
واحتل المرشحان المرتبتين الأولى والثانية على التوالي في الحزب الذي يوصف بأنه الأكثر كراهية للجزائريين منذ نشأته في سبعينيات القرن الماضي، ويتعلق الأمر بكل من رئيس الحزب، جوردان بارديلا ورئيسة المجلس الأعلى للهجرة سابقا، مليكة صورال، وكانت قد عينت من قبل الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي.
وتشير بيوغرافية جوردان باريدلا، إلى أن عائلته من أصول جزائرية إيطالية من جهة الأب وجزائرية خالصة من جهة الجدة من الأم، أما مليكة صورال، المرشحة رقم اثنين في الحزب اليميني المتطرف، فقد ولدت في مرسيليا من أبوين جزائريين وكانت تتنقل باستمرار إلى الجزائر، أين عاشت نحو 15 سنة وفق بيوغرافية السياسية التي تنشط في صفوف اليميني المتطرف.
ويعتبر اليمين المتطرف من أشد أعداء الجزائر وجاليتها، وهو موقف تاريخي صمد على مدار نحو خمسة عقود من الزمن، بحيث لم يهضم جون ماري لوبان، مؤسس اليمين المتطرف، استقلال الجزائر عن فرنسا بقوة السلاح وهو الذي ولغت يداه من دماء الجزائريين قتلا وتعذيبا في سجون الجزائر العاصمة، تكريسا لاستمرار وضع كان مرفوضا بقوة من قبل الجزائريين وحتى الفرنسيين أيضا بزعامة الجنرال شارل دي غول.
لكن ما خلفية هذه المفارقة، فمن جهة يهاجم هذا التيار المتطرف الجزائريين بعنصرية مقيتة، ومن جهة أخرى يضع مترشحين من أصول جزائرية على رأس قائمة الحزب في الانتخابات البرلمانية الأوروبية؟
يبلغ عدد الجزائريين المقيمين في فرنسا على مدار أجيال، الملايين، وإن وضعتهم هذه الإحصائيات على رأس بقية الجاليات الأخرى المغاربية والإفريقية. ولحد الآن ترفض السلطات الفرنسية الكشف عن العديد الحقيقي لهذه الجالية على التراب الفرنسي، وتقدم أرقاما تقريبية يشكك فيها الكثير من المراقبين، في محاولة للحد من تأثيرها السياسي، ولاسيما في المواعيد الانتخابية الكبرى والحاسمة، مثل الرئاسيات.
غير أن الإحصائيات غير الرسمية تشير إلى أن العدد الحقيقي للجالية الجزائرية في فرنسا قد يقترب من عتبة عشرة ملايين، وهو رقم مخيف للسياسيين، لأن حسن تنظيمها واصطفافها وراء مرشح ما، من شأنه أن يقلب الطاولة على المرشح المرفوض من قبلها، وهو الأمر الذي حاول عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيظ، التأكيد عليه في تغريدة سابقة له، عندما دعا الجزائريين المقيمين بفرنسا إلى المشاركة بقوة في الانتخابات البرلمانية الأوروبية هذا الأحد، ومعاقبة اليمين المتطرف وكل من يتخذ من معاداة الإسلام والجاليات المسلمة برنامجا سياسيا له، بعدم التصويت عليه.
ويشكل هذا المعطى عاملا فارقا في الممارسة السياسية في فرنسا وفي العملية الانتخابية أساسا، وهو السبب الذي قد يكون وراء مغازلة حزب لوبان وضع اثنين من مرشحيه من أصول جزائرية على رأس قائمته الأوروبية، أملا في استمالة أصوات الملايين من هذه الجالية.
ولطالما اعتمد اليمين المتطرف على أصوات بعض الناخبين من أصول جزائرية، وهي الفئة التي فرت من الجزائر بعد الاستقلال خوفا من الحساب بعد ما فضلوا الوقوف إلى جانب جيش الاحتلال ضد اخوانهم، غير أن هذه الفئة تتجه إلى الاندثار، أما غالبية أبناء هذه الفئة من الجيل الثاني والثالث، فقد رفضت الاندماج في المجتمع الفرنسي رغم مساعي باريس لإحداث القطيعة، ويتجلى هذا من خلال الاحتفاليات التي يقوم بها شباب الجالية في المدن الفرنسية الكبرى بعد كل إنجاز يحققه الفريق الوطني لكرة القدم.

مقالات ذات صلة