الجزائر
يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة وتم تكريمه في ملتقى طبي

محتال ينتحل صفة مختص في جراحة القلب للإيقاع بضحاياه

وردة بوجملين
  • 498
  • 0
أرشيف

التمس ممثل الحق العام لدى مجلس قضاء برج بوعريريج، تشديد العقوبة في حق المتهم “ز.ع” الذي احترف النصب والاحتيال باحترافية عالية ونجح في سلب ضحاياه من النساء والشابات الراغبات في الزواج عبر التراب الوطني مبالغ مالية معتبرة قد تُقدّر بالملايير، كما انتحل صفة دكتور مختص في جراحة القلب وتم تكريمه في ملتقى علمي حول الأيام الطبية الجراحية بإحدى الولايات الشرقية، رغم أن مستواه التعليمي لم يتجاوز السنة السابعة متوسط.
المتابع لأطوار محاكمة المتهم مؤخرا بقاعة الجلسات بمجلس قضاء برج بوعريريج، لن يجد فرقا بين تفاصيل حكاية الشاب النصّاب وبين أحداث مسلسل “العراف” لنجم الكوميديا العربية عادل إمام، بل سيبدو له وكأن هذا الأخير استوحى قصصه في الاحتيال من هذا المسلسل الذي يعد من روائع الدراما الكوميدية.
تفاصيل القضية تعود إلى شكوى تقدّمت بها إحدى ضحايا المتهم تعمل حرفية، وذكرت فيها بأن المتهم قد أخذ منها مبلغا ماليا يقدّر بـ1 مليار سنتيم، بعدما وعدها بالزواج وإقامة شركة بينهما وعدة وعود أخرى لم يقم بتجسيدها على أرض الواقع والزواج منها، على إثر تلك الشكوى، باشرت مصالح الأمن بالمنطقة عملية التحري والتحقيق في القضية والتي انتهت بتوقيف المتهم وتقديمه أمام وكيل الجمهورية الذي أمر بإحالته على قاضي التحقيق لدى محكمة مدينة رأس الوادي، الذي أمر بدوره بإيداعه الحبس المؤقت إلى غاية النظر والفصل في قضيته، ليرتفع بعدها عدد شكاوى الضحايا.

أوقع في شباكه “بروفيسور” في الطب
المتهم مثل أمام هيئة المحكمة وبعد سماع اسمه، تقدم إلى هيئة المحكمة، بلباسه الرياضي من علامة أصلية، ليتحدث عن تفاصيل القضية بجرأة كبيرة وثقة عالية في النفس مجيبا على أسئلة قاضي الجلسة الذي أعاد أمامه سرد الوقائع الواردة في الملف ليسأله بعدها مباشرة: هل نصبت على كل هؤلاء المذكورين في الملف؟ ليرد بعدها المتهم معترفا: “نعم سيدي القاضي، لقد نصبت على كل هؤلاء” وراح يذكر المبالغ المالية التي استولى عليها في إطار عمليات النصب التي قام بها في مختلف الولايات، مبديا في إجابته تحفظا بخصوص اتهامات ضحيته الحرفية.
ليواصل بعدها القاضي الذي لم يتمالك نفسه من الضحك، طرح الأسئلة على المتهم حول كيفية تمكّنه من النصب على كل هؤلاء، لكن المتهم الذي كان هادئا وواثقا من نفسه، ردّ عليه بابتسامة عريضة، ثم واصل سرد الوقائع كما جاءت في ملف القضية، وأنه كان يتعرف على ضحاياه عبر “الفايس بوك”، ثم يقوم بمحادثتهم من خلال خاصية “الميسنجر” مقدما لهم نفسه على أساس أنه طبيب مختص في أمراض وجراحة القلب، قبل أن يحصل على أرقامهم الهاتفية ويتصل بهم ليعرض عليهم مشاريعه الوهمية، وهو ما حصل مع ضحيته الحرفية، التي ادّعى لها بأنه يملك ورشة وأنه يبحث عن حرفية متمكنة تعمل معه، ليبلغها بعد فترة من التعارف بأنه في حاجة ماسة إلى المال لاقتناء بعض السلع، حيث لم تتردّد الضحية في الاستجابة لطلبه، وأحضرت له في البداية كمية من المجوهرات بقيمة 50 مليون سنتيم، لتقوم بعدها بمنحه مبالغ أخرى إلى أن وصل المبلغ الإجمالي الذي استلمه منها إلى مليار سنتيم، حسب تصريحاتها.
المتهم لم يتوقف عند هذا الحد، بل واصل ممارسته للنصب والاحتيال وتمكّن من خلال حسابه على “الفايس بوك” من النصب على شاب آخر يُدعى “زكرياء” وعلى “بروفيسور” في الطب تعمل بمستشفى في ولاية شرقية، أخبرها بأنه مغترب يقيم في “كندا” وأن له وثائق الإقامة في ذلك البلد، وبعد أن نشأت بينهما علاقة التواصل، استغل الفرصة لتطوير تلك العلاقة التي كان يفترض أن تتوج بالزواج بعدما وعدها بذلك، والأكثر من ذلك أن هذه الطبيبة استضافته في إحدى التظاهرات كطبيب مشارك في أحد الملتقيات العلمية حول (أيام طبية جراحية)، حيث كان يستغل فرصة ارتدائه للزي الطبي من أجل التقاط صور ووضعها على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، كما حظي بتكريم نظير مشاركته في تلك الأيام الطبية الجراحية.
وقد أكدت “البروفيسور الضحية” في تصريحاتها أمام هيئة المحكمة، أنها لم تتفطن ولو مرة للمتهم الذي كان على دراية تامة بجميع المصطلحات الطبية باللغة الفرنسية والإنجليزية وهو الأمر الذي جعلها تثق فيه ثقة عمياء وتعتقد، فعلا، بأنه ينتمي إلى السلك الطبي، ليستغل المتهم ذلك، والذي كان يستهدف أغلب ضحاياه من الجنس اللطيف، ويوهمهن برغبته في الزواج منهن ووعوده بتمكينهن من الحصول على الجنسية الكندية، قبل أن يقوم بالسطو على أموالهن.

طبيب بمستوى “السابعة أساسي”
في ملف القضية، تبيّن بأن ممارسات الاحتيال لهذا المتهم لم تسلم منها حتى الشابات اللواتي تتردّدن على “الملاهي” من مكر ودهاء الشاب المحتال، حيث يستعمل نفس الطريقة في الإيقاع بهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا إعرابه لهن عن نيته ورغبته في الزواج منهن ونقلهن للعيش في كندا مع والديه اللذان يقيمان هناك، حيث سلبهن هواتف نقالة باهضة الثمن يزيد ثمنها عن 30 مليون سنتيم ومجوهرات من المعدن الأصفر.
هيئة المحكمة التي أماطت اللثام عن ممارسات هذا المتهم وبعض التفاصيل الغريبة في ملف القضية، تفاجأت بإتقان المتهم للغة الإنجليزية التي يتحدث بها بكل طلاقة رغم أن مستواه الدراسي لم يتجاوز السنة السابعة أساسي، وهو العامل الذي ساعده في مهمة النصب والاحتيال بنجاح على ضحاياه، خاصة من شريحة الإطارات الذين لم ينتابهم مجرد الشك في صدقه ولا في مكانته العلمية وراحوا يمنحونه الملايين بدون أي ضمان والأكثر من ذلك وضعوا كل ثقتهم في شخصه ومنهم من آمنه على ممتلكاته ونفسه، بدون شك.

مقالات ذات صلة