-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مجاعة غزّة.. وموسم الأعراس والمهرجانات!

سلطان بركاني
  • 784
  • 0
مجاعة غزّة.. وموسم الأعراس والمهرجانات!

لعلّ من أفدح مصائبنا في هذه الأيام، أنّه وفي الوقت الذي يعربد فيه الصهاينة في غزّة، ويمارسون أبشع أنواع التقتيل والتهجير والتجويع، أن يعلن في كثير من بلاد الإسلام عن آخر التحضيرات قبيل انطلاق المهرجانات التي يتغنى فيها الفنانون والفنانات بالحبّ والعلاقات! وليست الغرابة في أن تعلن الجهات المسؤولة عن انطلاق هذه المهرجانات فحسب، إنّما الغرابة أن تلقى إقبالا من عامّة المسلمين الذين لا يفتؤون يعبّرون في مواقع التواصل عن ألمهم لما يحصل في أرض الرّباط ويتداعون لمقاطعة البضائع التي تنتجها الشركات الدّاعمة للصّهاينة!

ليست المهرجانات هي وحدها التي بدأت تستقطب اهتمام بعض المسلمين، مع حلول فصل الصّيف، فموسم الأعراس أيضا قد بدأ في مختلف مدن العالم العربيّ بعد انتهاء موسم الامتحانات. والنكارة ليست في الأعراس بحدّ ذاتها، إنّما فيما يصحبها من منكرات تزداد حدّتها عاما بعد عام؛ أموال طائلة تنفق على الأغاني الهابطة وعلى الصراخ والموسيقى الصاخبة التي تصمّ الآذان وتؤذي الصغار والكبار، وتحرم المرضى والعمال من النّوم.. ووالله إنّها لنكسة كبيرة أن يتكرّر المشهد في صيف هذا العام، على الرّغم من أنّنا –في الجزائر مثلا- كنّا نشكو -قبل أيام- غلاء الأضاحي، ونعدّد الأسر التي لم تجد للعيد طعما لأنّ أربابها لم يمكنهم شراء أضاحي العيد، ونتحسّر على ذلك ونتأسّف.. ولكن ها نحن نرى من ينفق عشرات الملايين على فرق الغناء والـDJ والمواكب المبهرجة، غير مبالين بما يحصل في غزّة، وغير آبهين بالأطفال الذين يبكون قهرا وأسى أنّه تمرّ بهم الأيام لا يجدون فيها لقمة يسيغونها، ولا بالأمّهات اللاتي يذرفن الدّمعات أنهنّ لا يجدن ما يطعمن أبناءهنّ، ومنهنّ من يبكي زوجا أو أبناء قطّعت أجسادهم أشلاء!

والله لو كانت الأمّة تعيش زمن عزّها، ما جاز لنا أن نحيي السّهرات الصاخبة ونبارز الله بسماع الكلام الهابط على وقع الموسيقى الصاخبة؛ كيف والأمّة تعيش زمن الذلّ والهوان؟! كيف يطيب لنا أن نغنّي ونرقص وننفق الأموال الكبيرة على الغناء الهابط وإخواننا يتضورون جوعا؟! في الأيام الماضية اقترح بعض الأفاضل إرسال أثمان الأضاحي إلى غزّة، وهذه دعوة صالحة، لكن: أليست تكاليف السهرات الصاخبة أولى بأن توجّه إلى إخواننا الجائعين في غزّة؟!

في السّنة السّابعة لبعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عندما حاصرت قريش بني هاشم في شعب أبي طالب، أخذت زهيرَ بن أبي أمية الحمية، فقال: “يا أهل مكة! أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يباعون ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة”. ولا شكّ أنّ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لو أمكنهم أن يوصلوا الطّعام إلى إخوانهم في غزّة، لاقتسموا معهم كلّ ما يملكون. لكن هل يعفينا من الحساب والعتاب أن نتشبّث بحجّة أنّنا لا نستطيع فكّ الحصار ولا إيصال الطّعام، ثمّ نمضي في حياتنا كأنّ شيئا لم يكن! أضعف الإيمان أن نقلّل من المباحات، فضلا عن المحرّمات.. حتّى وإن كنّا سنفرح بالتزامن مع دمعات إخواننا، فليكن فرحنا بما أحلّ الله، وبالقدر الذي لا يدمي قلوب أحبّتنا في قطاع غزّة.

إنّ الصهاينة يرصدون –باهتمام بالغ- ردّ فعل المسلمين في بلاد الإسلام الواسعة وهم يرون إخوانهم في غزّة يقتّلون ويجوّعون، ويفرح اليهود غاية الفرح عندما يرون المسلمين يتدافعون على أبواب الملاعب ويتزاحمون في المهرجانات، ويقيمون السّهرات الصاخبة في الأعراس! وكيف لا يفرح الصهاينة بلهونا ولعبنا غير مبالين بجراح إخواننا، وهم الذين تقول بروتوكولاتهم: “ولكي نبعد الجماهير عن أن تكشف بأنفسها أي خط عمل جديد، سنلهيها أيضاً بأنواع شتى من الملاهي والألعاب ومزجيات الفراغ والمجامع العامة وهلم جرا. وسرعان ما سنبدأ الإعلان في الصحف داعين الناس إلى الدخول في مباريات شتى في كل أنواع المشروعات: كالفن والرياضة وما إليهما . هذه المتع الجديدة ستلهي ذهن الشعب حتماً عن المسائل التي سنختلف فيها معه”؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!