الرأي

ماراثون ليبي من بوزنيقة إلى الغردقة

ح.م

مفاوضات قائمة على قدم وساق، كلما انقطعت في مكان ما في ختام خيبة سياسية، انطلقت في مكان آخر ينسج خيبة أمل جديدة في اتفاق غير قابل للحياة في ليبيا المنفصلة بين شرقها وغربها .

ماراثون انطلقت نقطة بداياته من الصخيرات ويمر بمنتجع بوزنيقة السياحي المغربي، ليصل إلى منتجع الغردقة المزهو على ضفاف البحر الأحمر في مسار رحلة طويلة قد تمر بمدن أخرى قبل أن يصل إلى نقطة النهاية في مدينة تتوحد فيها ليبيا التي تحيا الآن برأسين.

أعلنت بوزنيقة عن اتفاق شامل حول المعايير والآليات المتعلقة بتولي المناصب السيادية في المؤسسات الرقابية الليبية التي تتمثل حسب المادة 15 من اتفاق الصخيرات، في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام، مع إخضاع المؤسسات غير السيادية لنفس تلك الآليات على مستوى المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار، التي تشكل القاعدة الاقتصادية والمالية الكبرى للبلاد.

ليبيا المنقسمة بشرقها وغربها، انقسمت معها المؤسسات السيادية وغير السيادية، وهي العقدة المستعصية في مفاوضات تبلغ التوافق المطلوب، وإعادة توحيدها لن يتم إلا في إطار ليبيا موحدة جغرافيا وسياسيا وأمنيا واقتصاديا بعيدا عن أية تدخلات خارجية.

بوزنيقة أعلنت اتفاق أطراف الصراع الليبي حول المناصب السيادية، اتفاق لن يرى النور في أرض قابلة للحياة، إلا بتوافقات على قضايا أكثر خطورة ترتقي بالحل السياسي المطلوب.

هكذا يبدو أن مفاوضات الزنيقة، إدارية اقتصادية، أخذت اتجاهها في هذا الاختصاص، وابتعدت كليا عن الملفين الأمني والعسكري، لمفاوضات وفود أخرى في مكان آخر، وبرعاية دولة أخرى .

ودون انتظار طويل ينطلق الحوار العسكري والأمني بين أطراف الصراع الليبي جيش الجنرال خليفة حفتر وحكومة الوفاق الوطني في مصر “الغردقة” بترحيب معلن من قبل الأمم المتحدة التي رأت فيه تطورا إيجابيا يعالج أخطر ملفين في الأزمة الليبية منذ تسع سنوات تقريبا.
ملفات الأزمة الليبية تعددت، وأطرافها تعددت في الداخل والخارج، تدخلات خارجية لها أهداف عسكرية أو اقتصادية في شرق المتوسط، تتصارع من اجل فرض مخططاتها التي تجني من ورائها مكاسب استثمارية كبرى، كفيلة بتغيير الخارطة الإقليمية رأسا على عقب.

استقطبت مصر الملف الأمني العسكري، فهو الذي يعنيها أكثر من أي ملف آخر، تراه جزءا لا يتجزأ من أمنها القومي، وإن كانت كل ملفات الأزمة الليبية تجتمع في حصيلتها النهائية للخروج بحل سياسي متكامل، لكن الأدوار توزعت حسب درجات أهميتها في إقليم شمال إفريقيا.
مفاوضات متوازية في حوار سياسي تشهده بوزنيقة والغردقة في سياق زمني واحد، بانتظار حل سياسي واحد يغلق الأبواب على كل الخيارات العبثية الأخرى، تنتظره ليبيا كما ينتظره العالم المعني بأمن شرق المتوسط.

مقالات ذات صلة