الرأي

ماذا لو كان “ماكرون”.. جزائريا؟!

قادة بن عمار
  • 13234
  • 24
الأرشيف

هنالك أكثر من قراءة، يمكن الخروج بها عقب الانتخابات الرئاسية في فرنسا، لكن أقربها إلى الجزائريين، والأكثر رواجا، هي الإشادة بوصول شاب يبلغ من العمر 39 سنة إلى قصر الرئاسة بعد تجربةٍ سياسية قصيرة لم تتجاوز الـ3 سنوات!

ما كان لرئيس فرنسي أن يأخذ كل هذا الزخم من الإعجاب لدى الجزائريين تحديدا، سوى لمقابلته في الضفة الأخرى، تجربة “شخص” يسمى جمال ولد عباس، قدّم خطابا سياسيا ركيكا في التشريعيات السابقة وتوعّد الجزائريين (توعّدهم ولم يعدهم) بحكم البلاد قرناً آخر على الأقل!

الجزائريون تساءلوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي: ماذا لو كان ماكرون جزائريا؟ هل كان سيصل إلى سدة الحكم بهذه السرعة؟ أم إنه سينتظر التوازنات الجهوية والفئوية وسيقال له مثلما يقال للشباب عادة في البلاد، ومنذ الاستقلال: “سيأتي اليوم الذي ستستلمون فيه المشعل”؟!

حتى الشباب الذين قاطعوا التشريعيات، أو دعوا إلى مقاطعتها عبر “اليوتيوب”، تم تخوينهم بشكل مبتذل، والتعامل معهم وفقا لمعايير ضيقة والترويج لكونهم يتاجرون بالوطنية، فإذا كان هؤلاء تجارَ وطنية، فماذا عن مرشحي التشريعيات وبعض زعماء السياسة من تجار الوطنية والدين وكل الثوابت؟!

لا يوجد أفضل من تعبير ولد عباس نفسه إثر الحملة التي تعرَّض لها من طرف خصومه حين وصفهم بـ”قادة التكعرير” ولا شك أن “التكعرير” الذي مارسه زعيم الأفلان منذ قيادته الحزب العتيد ثم خلال الحملة الانتخابية، أشد ضررا من كل تزوير مارسته السلطة سابقا أو ستمارسه مستقبلا!

وظيفة ولد عباس هي تنفير الشباب من السياسة بل ومن الحياة عموما، في حين إن وظيفة الآلة الانتخابية الفرنسية هي استمالة الشباب من خلال تقديم نموذج ماكرون، برغم كل تفاصيله الخفية منها والظاهرة، التي تتعلق أساسا بالمنظومة التي صنعته والغاية التي تخطط لها من ورائه!

في فرنسا، التي يقدرها كثيرٌ من الساسة عندنا، ويتخذونها مرجعا مفضلا وأحاديا لممارسة “أسلوب الحياة”، لا تكفّ النخبة عن التفكير في هاجس المقاطعين، رغم أن عددهم لم يتجاوز الـ8 ملايين من مجموع 47 مليون ناخب، في حين يخرج وزير الداخلية عندنا “مزهوّا فرحا” عقب مقاطعة أو رفض أصوات 17 مليون جزائري من مجموع 23 مليون ناخب، ليقول إن العملية الانتخابية ناجحة وتعدّ انتصارا للسلطة!

الغريب في سلوك السلطة السياسية عندنا، أنه وبدلا من الحديث عن “تقاعد الفاشلين” واستقالة الشيوخ، وضمان انتقال سلمي للحكم، يتم الترويج لكون الشباب غير مستعد أو ينقصه التكوين، تماما كتلك الخدعة الكبيرة التي يتم التسويق لها في عالمنا العربي حين تُسأل الأنظمة القمعية عن سبب فرض وصايتها على الشعوب، فترد بأن هذه الأخيرة غير مستعدة للديمقراطية، أو غير قابلة للالتزام بها!

مقالات ذات صلة