ليلة القبض على أحمد منصور!
![ليلة القبض على أحمد منصور!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/mansour_109659098.jpg?resize=790,444.375)
في غمرة الاندفاع نحو مشاهدة المسلسلات والأعمال الدرامية لشهر رمضان، لاشك بأن المسلسل الذي لم يكن على البال ولا على الخاطر، واستقطب منذ حلقته الأولى عددا كبيرا من المتابعين، هو مسلسل “ليلة القبض على الإعلامي أحمد منصور”.
حالة تلذّذ مرضي وهوس “غير تقليدي” انتابت وسائل إعلام مصرية تابعة لنظام السيسي مباشرة عقب الإعلان عن توقيف الإعلامي الشهير بـ“الجزيرة” في مطار دولي بألمانيا، بناء على مذكرة توقيف من شرطة الأنتربول.. وما أدراك ما الأنتربول؛ فهي الشرطة الدولية التي تقبض على من تشاء وتسرّح من تشاء وتغمض العين عمّن تشاء.
أحمد منصور ظهر على الشاشات، وبفضل أبسط تقنيات التكنولوجيا المتوفرة في الوقت الراهن، معلنا خبر القبض عليه، وطبعا ما كان له ليفعل ذلك، لولا أن البلد القابض عليه هو ألمانيا، فلو كان بلدا عربيا متخلفا لاختفى الرجل من المطار، واستغرقت عائلته أشهرا للبحث عن مجرد مكانه.. يعني المسألة فيها “شويّة أمل وتفاؤل“!
جنرالات الشاشة المصرية من أتباع السيسي لا يريدون سوى ممارسة مزيد من الانقسام والحقد والتشفي، وعلى هذا الأساس، كان الخاسر الأكبر في كل ما وقع بمصر خلال السنوات الأربع الأخيرة، هو الشعب الذي فقد حريته وكرامته طيلة عقود طويلة حُكم فيها بالحديد والنار، ليستيقظ على ثورة اعتقد للوهلة الأولى أنها ستنهي مظالمه، لكنها أفقدته بالمقابل مزيدا من الكرامة، وبات القانون وتطبيق العدل آخر اهتمامات الممسكين بزمام الأمور في قاهرة المعزّ..
أحمد منصور“اخونجي“.. وماذا بعد؟!
أحمد منصور أيّد أول رئيس مدني انتخبه المصريون عقب ثورة شعبية عظيمة.. ما الذي يضير في ذلك؟!
لكن أحمد منصور يختطف ويعذّب محاميا على الهواء مباشرة في ميدان “رابعة العدوية“، فهذا تلفيق سينمائي لا يصدّقه عاقل، تحديدا عندما يكون الأمر متعلقا بمكان سقطت فيه أرواح الآلاف، وبدلا من إمساك القاتل المباشر ومحاكمته، تمّ رفعه على الأعناق وتسليمه البلاد والعباد.
كان يمكن التسليم بمحاكمة أحمد منصور والقبض عليه، لو أن مصر تنعم بالعدل والأمان والاستقرار في المرحلة الراهنة، لكن الواقع يثبت عكس ذلك تماما، فنحن بصدد مزيد من تكريس المظالم، وما حفلات الإعدام الجماعي التي يعلنها القضاء ـ مستَلب الإرادة والسيادة ـ هنالك سوى مؤشر صغير على حجم الفساد والظلم وغياب العدالة وانتحار القانون.
المفارقة المضحكة أنّ الجنرال السيسي زار قبل أيام ألمانيا، مصطحبا معه عددا كبيرا من الفنانين والمغنين والممثلين، ليثبت لكل من يصادفه في بلاد الجرمان أن مصر بخير، وكأن تصدير الراقصات والممثلات كفيل بنفي وجود أزمة داخلية عويصة في البلد الذي كان يمثل بالنسبة للعرب والمسلمين حضارة راقية ومجتمعا متقدما.. في الرحلة ذاتها، رافق السيسي إعلاميٌ عنصري مقيت اسمه أحمد موسى.. لا يكره في حياته شيئا أكثر من الإخوان، ولو كان الأمر بيده لأعدمهم جميعا في ليلة واحدة وبدون محاكمة!
الأكثر إثارة أن هذا الأخير سافر ضمن طاقم “الرحلة الممتعة” ساعات فقد عقب صدور حكم نهائي ضده بالسجن النافذ مع الأشغال الشاقة، لكن صاحبنا، ولأنه لسانُ النظام الانقلابي ظهر منتشيا وهو يدوس على القانون، ساخرا من سجنه بتهمة إهانة أحد المثقفين والسياسيين المصريين البارزين.. صاحبنا مارس تعديه على القانون داخل طائرة الرئيس.. أبعد هذا يمكننا الحديث عن مصر“الحرّة السيدة.. والعادلة” وعن “القضاء النزيه والشامخ” بمصر؟.. هيهات!
ترى بماذا يشعر إعلاميو الفتنة الآن بعد إطلاق سراح منصور؟