الرأي

ليسوا أقلّ دموية من “داعش”!

قادة بن عمار
  • 3287
  • 20

لو قال أحدهم “متفائلا” قبل وقت قصير.. إن كلا من بشار الأسد، حسن نصر الله، ملك السعودية عبد الله، أمير قطر وأردوغان، ومعهم الخميني والمالكي والبارزاني والعبيدي والسيستاني…سيقفون جميعا في صف واحد ضد عدو واحد، لقلنا هذا مسّ من جنون وليس فقط إفراطا في التفاؤل..لكن “داعش” فعلتها!!

فعلتها للدرجة التي سمعنا فيها وزير الخارجية السوري وليد المعلم يقول في مؤتمره الصحفي الأخير: نحن هنا، مستعدون للتعاون مع الغرب، وفي مقدمته أمريكا من أجل محاربة الإرهاب..وتحديدا داعش والنصرة !

أمريكا التي كانت تتزعم المؤامرة الكونية مع 80 دولة أخرى لإسقاط نظام الأسد منذ ثلاث سنوات وأكثر!

حتى إيران، لا تجد مانعا من وضع يدها في يد الشيطان الأكبر لتصفية داعش بخلفية طائفية مقيتة..الأمر ذاته فعلته بالأمس القريب حين مهدت الطريق لاحتلال العراق وسقوط بغداد، انتقاما من صدام حسين وتنفيذا لأجندة ملاّلية مقززة!

في النهاية…ليس الأسد وحده من يتاجر بـ”داعش”، لكن عددا كبيرا من الدول والأنظمة يفعل ذلك..لقد وجدوا في قصة الخلافة الموهومة، وقطع الرؤوس، سبيلا لإنقاذ رؤوسهم من القطع ومسلكا للحفاظ على خلافتهم من الزوال!

وبعيدا عن “صحة” أو خطأ فرضية خلق هذا التنظيم في مخابر غربية، فإن جميع المعطيات المتوفرة، تؤكد أنه لو لم يوجد داعش لعملت الكثير من الجهات، على خلقه والنفخ فيه إعلاميا!

ما فعله هذا التنظيم الوحشي (الذي لا يتوان جنوده عن قطع رأس ضحيتهم ورفعه لالتقاط صورة “سيلفي” معه ولا عن بيع الفتيات أو تدريب الصغار على نحر”الكفار” وحتى المسلمين) أنه منح متسعا من الوقت للأنظمة المستبدة حتى تقاوم أكثر، وأعطى لأمريكا المبرر الكافي للتدخل مجددا..حيث جاء التركيز على جرائم داعش “إعلاميا” من أجل التغطية على جرائم أخرى، على غرار ما يفعله بشار الأسد منذ ثلاث سنوات، من تقتيل وتدمير وسفك للدماء برعاية إيرانية ودعمٍ روسي..حتى نوري المالكي حاول استغلال داعش لمصلحته سياسيا، لكنه فشل بسبب إفلاسه وتخلي إيران عنه في إشارة قوية للأسد ذاته.

الخليفة أبو بكر البغدادي مجرم، لكنه لا يقل إجراما عن بشار الأسد ولا عن نوري المالكي..هذا الأخير، “استورد” عن حليفه في دمشق، أسلوب البراميل المتفجرة، وقتل من العراقيين المدنيين في تكريت والأنبار خلال أيام قليلة، ما لم تفعله داعش ولا غيرها..وعلى ذكر تكريت، بثت إحدى القنوات العراقية قبل يومين، تقريرا عن تعرّض عشرات المساجد فيها للهدم، وهي المدينة التي يعرفها العراقيون جميعا باسم “أم المساجد”، وحسب أحد الأئمة، فإن عمليات القصف كانت بلا مبرر وتمت بالبراميل المتفجرة..سلوك أرعن ودموي مثل هذا، كفيل بخلق مئات الدواعش وليس داعش واحدة فقط!

جنون “داعش” ليس أمرا طارئا ولا جديدا..وتلك الدموية التي نشاهدها يوميا ليست بدعة..فالذبح بات أسهل شيء يمارسه هؤلاء الخوارج “الجدد والقدامى” لتقديم أنفسهم للجمهور “المهووس بمشاهدة مزيد من فيديوهات النحر الجماعي”..

نحن في الجزائر، من أكثر شعوب العالم التي ذاقت ويلات الدم والدموع والقتل العشوائي وسفك الدماء بلا مبرر.. الذبح عندنا كان “خبزا يوميا” بغرض تصفية “الخصوم” وإرعاب غيرهم..لقد كان سلوكا ممنهجا فاق في بشاعته جميع التوقعات..لكن في المقابل، ندرك أيضا أن الطغيان السياسي بكل سوءاته، والعنف “الأعمى والمبصر” الذي تستعمله “الأنظمة” لمنع أي تغيير سلمي، من شأنه “تدعيش” الشعوب ودفعها لمزيد من التطرف!

مقالات ذات صلة