الرأي

ليبيا خطر يداهم دول الجوار

ح.م

لا أحد يستهين بالخطر القادم من ليبيا، خطر يضرب قواعد الأمن القومي في الصميم، والوقوف على الحياد لم يعد أمرا منطقيا إزاء أسوأ التوقعات المحتملة بين ساعة وأخرى..

تعيش ليبيا الآن حربا عالمية بمعنى الكلمة، تخوضها عدة دول في وقت واحد، تنتمي إلى كل قارات العالم، تتصارع فيما بينها على بلوغ هدف اقتسام أراضيها، وإقامة صروح قواعدها الدائمة.

قوى ليبية اصطفت متوزعة على القوى الخارجية اللاعبة في المشهد الليبي، حتى غابت ليبيا، وترك شعبها مشتتا، رغم تشبثه بهويته.

أين يرى الشعب الليبي وجوده؟

مع قوات الجنرال خليفة حفتر الذي يقود هجوما عسكريا للسيطرة على العاصمة طرابلس؟

مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج؟

برلمان بلا حكومة وحكومة بلا برلمان، منظومة سياسية غير متكاملة، لم تبلغ النضج بعد، فاختارت البقاء في حاضنات دولية وإقليمية، اختيار أجج الصراع الداخلي، وضمن استمراره بلا توقف .

القوى العالمية والإقليمية المتمركزة في ليبيا لا تعنيها سوى مصالحها الإستراتيجية، في موقع استراتيجي أهم في شمال إفريقيا، يمول نفسه بنفسه في ظل الموارد الطبيعية الهائلة.

الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من تمدد روسي يتحكم بالساحل الليبي الطويل على البحر الأبيض المتوسط، هي خشية دول أوروبا أيضا من طموح الرئيس فلاديمير بوتين في إحياء نفوذ دولي متعاظم في أوروبا وإفريقيا وآسيا.

القوى الكبرى اللاعبة في المشهد الليبي، هي الأخرى مشتتة، ضائعة بين القوى المتعددة في الداخل، إذ نراها مضطرة أحيانا إلى دعم خصومها، وتوزيع دعمها بين الأطراف المتناحرة.

إدارة البيت الأبيض لا تتفق مع توجهات تركيا بقيادة الطيب رجب أردوغان، لكنها بحاجة إليه اليوم في ليبيا، فهو أملها في الحد من الطموح الروسي في هذا البلد، وتدرك روسيا أن الجنرال حفتر لا يستند إلى حاضنة واحدة، فهو المتجه شرقا وغربا، حيث يجد مصادر القوة الضامنة لبقائه.

اتفاق حكومة فائز السراج مع تركيا، أجج نيران ليبيا، اتفاق بدأ يحصد مساوئه على الأمن الوطني والإقليمي، أثار مخاوف اليونان ودول أوروبا ومخاوف مصر، ومخاوف روسيا وأمريكا في آن معا .

هل كان اختيار أردوغان – السراج لتوقيت اتفاقهما الذي يغير خارطة الحدود البحرية في المتوسط، مناسبا؟ وهل أدركا ردود الفعل العالمية والإقليمية على اتفاقهما؟

دخلت تركيا على جبهات النزاع في ليبيا هذه المرة، دخولا مباشرا، جعلها الحامي لحكومة الوفاق الوطني أمنيا وسياسيا، مما أدى إلى إشعال التوتر، وأثار حفيظة دول الجوار، فدعاها إلى التلويح بخيارات عسكرية دفاعا عن أمنها القومي.

الاتفاق الليبي التركي لم يأخذ صفته التشريعية بعد، فهو مازال اتفاقا سياسيا غير قابل للتنفيذ في غياب المصادقة البرلمانية عليه، لكنه أجج حربا إقليمية، لن ينحصر خطرها على ليبيا، فقد تمتد إلى دول الجوار التي مازالت تخوض حربا ضد الفلول الإرهابية التي ينتعش وجودها في ظل أزمات سياسية ومواجهات عسكرية.

مقالات ذات صلة