منوعات
مختصون يعددون فرص القطاع ويبرزون الصعوبات

لهذه الأسباب يتخوف رجال الأعمال من الاستثمار في قطاع الثقافة

زهية منصر
  • 394
  • 0
أرشيف

مازال رجل الأعمال الجزائري يهاب أو يتخوف من الاستثمار في القطاع الثقافي، برغم كل الإغراءات والوعود التي يقدمها القائمون على القطاع، الذي يعتبره العديد من الخبراء قطاعا واعدا في الجزائر، بإمكانه المساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد، حيث يرى محمد نذير بوعباس، الرئيس السابق للكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، بأن الثقافة بإمكانها المساهمة في الاقتصاد الوطني بنسبة لا تقل عن 42 في المائة، في حال تم استغلال إمكانيات هذا القطاع وتحسين مناخ الاستثمار فيه.
وقال المتحدث إن رجال الأعمال لديهم كامل الاستعداد والاهتمام للاستثمار في قطاع الثقافة والفنون، مؤكدا أن تخوف رجال الأعمال من الولوج إلى هذا الميدان يعود أساسا إلى غياب التنسيق بين هذا القطاع وبين قطاعات أخرى، على غرار السياحة مثلا، لتوفير فرص حقيقة لجعل الجزائر وجهة سياحية، وبالتالي، خلق مصدر ثروة للبلاد، إضافة إلى وجوب إعادة النظر في المنظومة البنكية والقانونية وجعلها في خدمة الاستثمار الثقافي.
وبرر المتحدث عزوف قطاع واسع من رجال الأعمال عن الاستثمار في الثقافة بضبابية المجال وعدم وجود قوانين تؤطر وتنظم عملهم. وأكد أن اجتماعا سابقا كان قد عقد بين رجال الأعمال ووزيرة الثقافة السابقة، مليكة بن دودة، لمس خلاله استعدادا كبيرا لدى الباترونا للمساهمة في الاستثمار الثقافي ومرافقته ليصبح رافدا اقتصاديا.
من جهة أخرى، يرى الخبير في السياسيات الثقافية عزيز حمدي، بأن رجال الأعمال والمستثمرين عموما يتهربون من دخول الاستثمار في المجال الثقافي، لأنه قطاع يتطلب استثمارات على المدى الطويل قد يصل إلى سنوات قبل جني الإرباح، فضلا عن غياب ضمانات لعدم الخسارة، فالجزائر لا تتوفر على دراسات على غرار ما هو موجود في الدول الأخرى، تسمج مثلا بتحديد توجهات الجمهور وعاداتهم الثقافية، ما يسمح للمستثمر بمعرفة المجالات التي يجب أن تكون على رأس الأولويات. وأضاف حمدي أننا لا نتوفر مثلا على سوق للفنون يسمح بعرض السلعة الثقافية بشكل يسمح للجمهور بأن يقبل عليها.
وقال حمدي إن الرغبة والإرادة وحدها لا تكفي لجعل الثقافة قطاعا منتجا في ظل غياب آليات تعمل على تجسيد هذه الرغبة.
ودعا المتحدث إلى استلهام عدة تجارب مماثلة من دول أخرى، على غرار فرنسا والبرتغال وبلجيكا، حيث جرى منذ أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي رسم سياسية ثقافية واضحة، في فرنسا مثلا، هناك ما يعرف بدراسة لمعرفة الممارسات الثقافية للفرنسيين، انتهت إلى كون المسرح يأتي على رأس اهتمام واستهلاك الشعب الفرنسي ثم يأتي بعده السيرك. وتتيح، بحسب حمدي، مثل هذه الدراسات توجيه المستثمر لاختيار المجال الذي ينبغي أن توجه إليه أمواله. في البرتغال مثلا، هناك ما يعرف بمؤسسات التبادل الثقافي، التي تعتبر جمعيات محترفة لتسيير القطاع الثقافي بإشراك القطاع الرسمي، لكن القطاع الخاص يساهم فيها بـ 80 من الميزانية، وتسمح هذه الطريقة من جهة بإعطاء ضمانات للمستثمر بأنه يتوفر على مساهمة وحماية من الدولة، ومن جهة أخرى، بتحرير القطاع من الهيمنة الرسمية التي تخيف المستثمرين من المغامرة في هذا المجال.
وبحسب عزيز حمدي، فانه لا يمكن الحديث عن الاستثمار في قطاع الثقافة قبل الوصول إلى نسبة 5 في المائة من استهلاك العروض الثقافية، حيث تصل تلك النسبة مثلا 710 عرض في العام في بروكسل و1002 عرض في فرنسا.
وفي الإطار نفسه، ترى الخبيرة وعضو مؤسسة المورد الثقافي حبيبة العلوي، بأن الاستثمار في القطاع الثقافي يجب أن يخضع لنفس قواعد السوق أي تحرير السوق الثقافي من الهيمنة الرسمية ومنح الحرية للمستثمر لتقديم إنتاج وسلعة ثقافية تخضع لأذواق وطلب المستهلك وكذا التقليل من العراقيل البيروقطرية التي تقتل المبادرات الخاصة.
وردت العلوي جزءا من عزوف رجال الأعمال عن المغامرة في المجال الثقافي إلى غياب تقاليد وتربية ثقافية تعود الجمهور استهلاك المنتج الثقافي بمقابل مادي واعتباره ضرورة مثله مثل الخبز، فضلا عن غياب بنى تحتية تغري المستثمرين باستغلالها. فرأس المال جبان لا يغامر دون ضمانات ودون دراسة مسبقة تضمن الربح أو على الأقل عدم الخسارة.
وختمت حبيبة العلوي قولها بأن القطاع الثقافي قطاع مربح وسينتهي باستقطاب رجال المال والأعمال، ولكن هذه الحقيقة أمامها بعض الوقت لتتحقق إلى حين معالجة أمراض البيروقراطية وإرساء تقاليد وتربية ثقافية تؤمن بأهمية دور هذا القطاع.

مقالات ذات صلة