الرأي

لم‮ ‬تتركوا‮ ‬شيئا‮ ‬للجراد‮!‬

قادة بن عمار
  • 3833
  • 10

بعض الوزراء داخل الحكومة يجتهدون حقا في لفت انتباه الشعب “الغافل” إلى أمور قد نسهو عليها بفعل المشاكل اليومية، وطبيعة الحياة السريعة التي جعلتنا لا نجد وقتا للحصول على أوكسجين الحياة يوميا أو ننعش ذاكرتنا المريضة عند الثامنة مساء بمناسبة تقديم نشرة الأخبار‮ ‬العظيمة‮!‬

من بين أولئك الوزراء الذين يستحقون فعلا الثناء، ولهم أجر الاجتهاد، أحببنا أم كرهنا، وزير الفلاحة رشيد بن عيسى الذي توقّع في تصريحات أخيرة له، ببداية زحف الجراد على الجزائر مع بداية فصل الربيع، معلّلا ذلك، بالحرب الدائرة في مالي، والتي ستنعكس سلبا على فلاحتنا‮!!‬

طبعا لن نناقش الوزير في خلفيات أو مبررات هذا الربط العظيم ما بين غزو الجراد والحرب في شمال مالي، خصوصا أن طبيعة عمله كوزير للفلاحة تجعله أكثر الناس المعنيين بالحديث عن ذلك، دون الخوض في مسائل أخرى، قد نراها نحن أكثر أهمية وخطورة، ويراها معاليه تافهة جدا في‮ ‬مقابل‮ ‬خطر‮ ‬غزو‮ ‬الجراد‮!‬

من تلك المسائل على سبيل المثال لا الحصر: استباحة مجالنا الجوي من طرف الطائرات الحربية الفرنسية، فما بالك بالجراد الطبيعي.. وأيضا، لجوء المئات من الماليين الهاربين من الحرب لحدودنا الجنوبية بكل ما يعنيه ذلك من انتشار للأمراض وارتفاع حالات الوفيات، وغياب التكفل التام بهم في ظروف إنسانية طبيعية، ناهيك عن ضرر الحرب أصلا وما تخلفه من دمار وتخريب وما تفرزه من سياسة استعمارية جديدة، سيكون لها وقع أكثر سلبا وتدميرا من غزو الجراد لنا، مع الإشارة أن هذا الأخير، أمر تعودنا عليه، كما تعوّد الجراد علينا منذ زمن طويل، سواء‮ ‬كانت‮ ‬الحرب‮ ‬في‮ ‬حدودنا‮ ‬الجنوبية‮ ‬أو‮ ‬حتى‮ ‬وقعت‮ ‬في‮ ‬جزر‮ ‬المحيط‮ ‬الهادي‮!‬

طبعا، لن نسأل وزير الفلاحة إن كان مطّلعا على تلك التقارير ومؤمنا بخطورة هذه الأوضاع أو لا، طالما أنه لا يستطيع الحديث رسميا سوى عن خطورة الجراد والدودة البيضاء والزرقاء.. لكن في المقابل، أليس من العيب حقا ربط فشلنا الداخلي في حماية فلاحتنا بإلقاء المسؤولية‮ ‬على‮ ‬جراد‮ ‬الآخرين؟‮!‬

هذا على افتراض أن الجراد القادم من شمال مالي سيجد شيئا يلتهمه في البلاد بعد ما قام الجراد البشري بالسطو على الأراضي في العديد من جهات الوطن، وتحويلها إلى مبان ومصانع خاصة وفيلات فخمة، كما وضعت مافيا العقار يدها على كثير من المناطق الخصبة، فلم تدع شيئا محترما‮ ‬يؤكل‮ ‬للجراد‮ ‬الطبيعي‮!‬

معركة وزير الفلاحة الوهمية مع جراد مالي، تشبه تماما تلك المعركة الوهمية التي يقودها على صفحات الجرائد وزير التجارة مع نقابة الخبازين، حين يطالب هؤلاء بمزيد من الدعم ويقف الوزير سدّا منيعا في مواجهة رفع سعر الخبز إلى 10 دنانير، رغم أن أبسط مواطن يدرك تماما أن‮ ‬الخبز‮ ‬يباع‮ ‬بذلك‮ ‬الثمن‮ ‬منذ‮ ‬فترة‮ ‬طويلة،‮ ‬ولا‮ ‬أحد‮ ‬تحرك،‮ ‬أو‮ ‬طالب‮ ‬بخفضه،‮ ‬بل‮ ‬بات‮ ‬الجزائريون‮ ‬يطالبون‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬الحالي‮ ‬بتوفيره‮ ‬أصلا؟‮!! ‬

مقالات ذات صلة