لماذا نجحت تركيا فيما فشل خط الاعتدال العربي؟

للمرة الثانية تستطيع تركيا وقف الاجتياح الإسرائيلي لغزة..كانت المرة الأولى قبل ستة أشهر عندما اشترطت تركيا أن توقف إسرائيل نيتها لاجتياح غزة إذا ما أرادت القيادة الإسرائيلية من تركيا لعب دور في التوسط مع سوريا ..وهذه المرة كان طيب رجب أردوغان مبادرا للاتصال بغزة، مؤكدا انه سيحاول جهده منع إسرائيل من اجتياح غزة وبالفعل على الأقل تأجل الاجتياح وبدأت التصريحات الإسرائيلية تتوالى في اتجاه فتح جزئي للمعابر وحديث عن البعد الإنساني في المسألة!!

• وهنا يتساءل المراقبون والمعنيون بالأمر لماذا تنجح تركيا فيما يفشل خط الاعتدال العربي؟ ففي القاهرة وبحضور وزير خارجية أكبر دولة عربية وجهت ليفني وزيرة خارجية إسرائيل تهديدا غير مسبوق لغزة وكانت كلماتها مليئة بالاستخفاف بالعرب والمسلمين..ولم يرد عليها الوزير المصري إلا بالرجاء أن تضبط إسرائيل نفسها..!! أما قطر والمغرب ومملكة البحرين وعمان والأردن وتونس وموريتانيا وكل الذين يعترفون رسميا أو فعليا بإسرائيل من الدول العربية لم ينجحوا في ثني إسرائيل عن تهديداتها ولم نسمع لهم إلا كلمات عن إمكانية التطبيع الشامل مع إسرائيل إن هي انسحبت من أراضي 1967 كما جاء على لسان وزير خارجية الإمارات العربية وكأن إسرائيل تحتاج إعلانا عن التطبيع من قبل دولة الإمارات العظيمة! إن بضائع إسرائيل تباع في كل أسواق الخليج والعراق والمصانع الإسرائيلية انتقلت عقب اندلاع الانتفاضة في فلسطين إلى الأردن واشترى الإسرائيليون أراضي كثيرة في الأردن، وأقاموا مصانعهم والتي يسيرها عمال من شرقي النهر ووجدوا في ذلك فرصة ثمينة لرفع دعاوى المقاطعة العربية للمنتوجات الإسرائيلية!!
• خط الاعتدال العربي ليس له عمل سوى التبرير للتسوية حتى لو ضربهم السيد الأمريكي بكل الوثائق والمواثيق على وجوههم فلن يتراجعوا عن خيارهم الاستراتيجي، ولا يشعرون أن لهم حيلة أو قوة في مواجهة القدر المشؤوم..وفي مقابل ذلك ولكي تكتمل المسألة يتجبرون على كل من يريد أن يرفع صوته بالرفض ويحاصرون الشعب الفلسطيني ويمعنون في توجيه الاهانات لقياداته وثورته والاستخفاف بها.
• أما تركيا التي اختارت العلاقة مع الغرب وأمريكا لم تفقد الإحساس بضرورة أن يكون لها دور إقليمي مهم وفهمت أن كل شيء بثمن وانه  بإمكانها أن تقدم خدمات للإسرائيليين وللأمريكان ولكن بثمن..وفي هذا كله تحاول استثمار قوتها وموقعها الجيوسياسي جيدا..من هنا بالضبط استطاعت تركيا ان تنجز مالا يمكن أن يفكر فيه خط الاعتدال العربي!!