الجزائر
الوحدة الوطنية يجب أن تكون فوق الخصومة السياسية

لماذا تخلف “الأرسيدي” و”العمال” عن إدانة سقطة المخزن!

محمد مسلم
  • 18343
  • 9

كان لافتا من خلال متابعة ردود فعل الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، على “الانزلاق الخطير” الذي سقط فيه نظام المخزن المغربي، غياب مواقف بعض الأحزاب عن التعاطي مع هذه القضية الحساسة والخطيرة، إلى غاية مساء الأحد.

وبينما انبرت منذ الساعات الأولى التي أعقبت تفجير هذه القضية، مختلف الأحزاب الكبيرة منها والصغيرة على غرار كل من حزب جبهة التحرير الوطني وحركة مجتمع السلم والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل، حركة البناء الوطني، جبهة القوى الاشتراكية.. سجل تخلف أحزاب أخرى مثل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب العمال.. عن إبداء مواقفها بشأن “سقطة المخزن”.

ولم يصدر أي موقف مندد أو منتقد لما أقدمت عليه البعثة الدبلوماسية للمغرب في نيويورك، من قبل الأحزاب الثلاثة السالفة الذكر، لا عبر حساباتها الخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، أو عبر بيانات عممتها على الرأي العام الوطني والدولي، أو في صيغة تصريحات خصت بها الصحافة الوطنية أو الدولية.

 وبقدر ما أبانت مواقف الأحزاب المنددة بسقطة نظام المخزن عن تجند الطبقة السياسية غير الرسمية والتزامها بالدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد وصيانة اللحمة الوطنية، خلف صمت الأحزاب الأخرى، جملة من التساؤلات المشروعة حول خلفيات موقف من هذا القبيل.

قد يكون عدم إبداء أحزاب بعينها لموقفها المستنكر للانزلاق المغربي، مسألة وقت، وهو ما يتمناه عموم الجزائريين المتمسكين بالوحدة الترابية للبلاد، إلا أن استمرار هذا الموقف لساعات أخرى أو ربما لأيام، من شأنه أن يؤثر على انسجام وقوة الجدار الوطني، المدافع عن الوحدة الترابية للبلاد، وبالمقابل، يعطي جرعة أمل لمن يستهدفون الجزائر، بشأن إمكانية تحقيق أهدافهم الخبيثة.

الملاحظة التي يمكن تسجيلها بخصوص هذه القضية، هو أن الأحزاب التي لم تستنكر “السقطة المغربية”، هي تلك التي توجد في خصومة سياسية مع السلطة، وهي التي لم تشاركها في خيارتها السياسية منذ أزيد من سنتين، والمتمثلة خاصة في الانتخابات الرئاسية واستفتاء تعديل الدستور والانتخابات التشريعية.. ما يعني أنها بنت مقاربة موقفها هذا، على أساس مفاده أن انتقاد نظام المخزن قد يصب في صالح السلطة في الجزائر، وفي ذلك أنانية سياسية كبيرة، لأن الوحدة الترابية للبلاد يجب أن تكون فوق الخصومات السياسية وبعيدة عن الحسابات الضيقة والظرفية.

في العام 1963 وبينما كان الجزائريون في نزاع على السلطة الوليدة، أقلع الجميع عن الخصومة ووجهوا سلاحهم نحو عدو خارجي حينها، وهو نظام المخزن، الذي استهدف أجزاء من التراب الوطني أملا في إلحاقها ببلاده لأسباب توسعية، وبفضل اللحمة الوطنية التي كانت مستحكمة بينهم، تمكنوا من طرد العدو مدحورا. أما اليوم وعلى الرغم من أن أركان الجريمة ذاته قائمة، والمجرم هو ذاته والجريمة هي استهداف الوحدة الترابية، إلا أن موقف من هم في خصومة سياسية مع السلطة، لم يكن الموقف ذاته الذي عبر عنه الآباء المحررون.

مقالات ذات صلة