الجزائر
اختفاء الحديث عن الاعتذار وبروز تبادل مشاركة المعلومات

لجنة الذاكرة تستعيد حيويتها لكن بأهداف فرنسيّة غير واضحة

محمد مسلم
  • 905
  • 0
أرشيف

تتجه اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية لبحث ملف الذاكرة نحو تقوية نشاطها بعد مرحلة من الشك خيّمت على عملها، عززها تصريح رئيس اللجنة من الجانب الفرنسي، بنجامان ستورا، الذي اشتكى في وقت سابق من محدودية وسائل وإمكانيات العمل في موقف أعطى الانطباع بوجود رغبة في المعسكر الآخر بعدم الجدية.
ولم يلبث أن استجاب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى تلك الاستغاثة، بتوفير ما يتطلبه عمل المؤرخين من الجانب الفرنسي، وفق ما جاء على لسان رئيسها المؤرخ، بنجامان ستورا، الذي عبر عن ارتياحه لتوفير ما طلبه من أجل السير الحسن لهذا المسعى، الذي كان الطرف الفرنسي هو المبادر به، بل والملح على نجاحه.
وفي تصريح لإذاعة فرنسا الدولية “فرانس إنتر”، قال ستورا: “يمكن القول إنه تم التجاوب بشكل يبعث على الارتياح إزاء الانشغال الذي رفعته في وقت سابق بهذا الصدد”، علما أن ستورا كان قد تحدث عبر أعمدة صحيفة “لوموند” الفرنسية الصائفة المنصرمة، عن عدم القدرة على العمل دون توفير ما يتطلبه هذا العمل.
وتحدث بنجامان ستورا عن توزيع الأدوار داخل اللجنة التي يرأسها، قائلا: “حاليا هنالك شخص مكلف مباشرة بهذا الجانب في اللجنة من الجانب الفرنسي، وهو المؤرخ ترامور كيمينور، أو سيتم تكليف شخص آخر إذا استدعت الضرورة، لأنني لا يمكنني القيام بكل شيء في اللجنة”.
ويعتقد المؤرخ الفرنسي أن البحث في ملف الذاكرة لا يجب أن يقتصر على ما تقوم به اللجنة المختلطة، وإنما “يجب توفير فضاءات أخرى على هذا الصعيد، مثل تخصيص المزيد من المنح البحثية للمؤرخين الشباب أو الدكاترة الشباب الذين يعملون على هذا الملف في فرنسا، لأن الاستعمار الفرنسي للجزائر يجذب الكثير من الباحثين ليس فقط على مستوى البلدين وإنما على المستوى العالمي، وهو ما يحتم على فرنسا أن لا تسجل تأخرا على هذا الصعيد”.
واستنادا إلى ما جاء على لسان المؤرخ الفرنسي، فإن اللقاء الرابع لفريقي اللجنة من الجانبين، سيعقد شهر جانفي المقبل في باريس، وهو يأتي على بعد أقل من شهرين من الاجتماع الذي احتضنته مدينة قسنطينة مسقط رأس بنجامان ستورا، فيما بدا لفتة رمزية لهذا الأخير، الذي كان قد غادرها وهو في سن الطفولة بعد أسابيع من حصول الجزائر على استقلالها في العام 1962.
بنجامان ستورا قدم تصورا عن طبيعة العمل الذي تعكف اللجنة المختلطة على إنجازه، ويقول: “الأمر لا يتعلق بكتابة قصة (تاريخية) مشتركة بين الجزائر وفرنسا، وإنما تبادل المعلومات ومشاركتها، والعمل معا من أجل هذا التاريخ المشترك، لما يقارب القرن والنصف من التاريخ المشترك للبلدين، بهدف واحد وهو محاولة معرفة أصل وحيثيات الاستعمار في القرن التاسع عشر”.
ويستفيض ستورا أكثر في التوضيح: “الأمر لا يتعلق بإعادة كتابة التاريخ المشترك، وإنما التوقف عند بعض والتواريخ والوثائق والأحداث التي وقعت خلال الحقبة الاستعمارية. وليس كتابة الذكريات والقصص التاريخية، لأنها ليست نفسها بالنسبة للبلدين”، مشيرا إلى أن اللجنة تبحث أيضا استعادة بعض ما يتعلق بذاكرة الأمير عبد القادر، واستعادة بعض الأعمال الثقافية المادية وغير المادية.
كما لم يستبعد المؤرخ الفرنسي إقامة لقاء بين المؤرخين من الجانبين “ليس بالضرورة أن يكون في باريس”، بل يمكن أن يكون في إحدى مدن “لا بروفانس” بالجنوب الفرنسي، كما اقترح أصدقاؤنا الجزائريون، يقول ستورا، في مرسيليا أو في إكس أون بروفانس، فيما يبقى الأرشيف من بين النقاط التي تثار بقوة في كل مرة، سواء ذلك الموجود بالجزائر أو في فرنسا.

مقالات ذات صلة