الرأي

لبنان “حزب الله” يسلك مسار التطبيع

ح.م

موسم التطبيع مع “إسرائيل” كيانا معترفا به، تنتعش فيه ألاعيب السياسة التي تركن مبادئها المعلنة في خطاب إعلامي “عاطفي” يخفي خططا لا علاقة لها بما يقال في مكبرات الصوت المنصوبة في الشرق الأوسط.

لبنان المحكوم بـ”مقاومة حزب الله” الموالي لإيران، ضد من تصفه بـ”العدو الإسرائيلي اللدود” يغير خارطة المواجهة من خطاب الحرب، إلى الجلوس معه حول طاولة مفاوضات برعاية أمريكية فوق أرض لبنانية، تخفي اعترافا متبادلا غير معلن في موسم التطبيع العلني، بعد عقود من دبلوماسية العلاقات السرية.

مسار التطبيع مفتوح دون عراقيل، سوى التوقف عند حواجز احترازية، تمهد سلامة الطريق قبل الوصول إلى نهايته، سلكته دول بـ”جرأة سياسية” غير معهودة من قبل، باركها العالم الغربي، معتبرا إياها فتحا واقعيا لأبواب مغلقة منذ عقود طويلة، أدى غلقها لحروب وعزلة وتباعد كرس خسائر عظمى لا تعوض.

بات “السلام” عنوانا للتطبيع، وهدف بلوغه دون اعتبار لمبادئ العدل في ضمان حق شعب مشرد، مازال يبحث عن أرض وهوية، كانت قضيته، قضية العرب الأولى في تشريعات مؤسسة العمل العربي المشترك.

انفرطت مؤسسة العمل العربي المشترك، وذهبت كل دولة منفردة فيما تراه تعزيزا لمصالحها، ترسي دعائم السلام مع “الكيان الإسرائيلي” في اتفاقيات ثنائية غير متوازنة في مقاييس الحق التاريخي، ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، وفق منطق “الواقعية السياسية” الذي لطالما نادى به بنيامين نتنياهو، كقاعدة للتفاوض مع الطرف العربي – الفلسطيني.

حسمت دولة الإمارات العربية موقفها، والتحقت بها مملكة البحرين، وصادقتا على اتفاقية سلام مع “الكيان الإسرائيلي” بانتظار اتفاقيات منفردة ستبرمها دول عربية أخرى تنتظر الوقت المناسب للكشف عن نتائج مفاوضات سرية دائرة الآن.

لبنان أخذت طريقها في التفاوض مع “إسرائيل” عبر الوسيط الأمريكي برعاية الأمم المتحدة، بعد إعلانها رسميا عن تفاهم حول بدء مفاوضات برعاية الأمم المتحدة في مقرها في الناقورة جنوب لبنان، لترسيم الحدود البحرية “اللبنانية – الإسرائيلية” على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط، استناداً إلى دراسة أعدتها قيادة الجيش وفقا للقوانين الدولية. وصفتها واشنطن بـ”التاريخية”.

مفاوضات تنطلق تحت قبة واحدة، في أرض لبنانية، وفود تقابل بعضها، لا يفصل بينهما حاجز، يلتقون عبر رابط الأمم المتحدة، لبنان قالت إنها مفاوضات غير مباشرة، وفد “الكيان الإسرائيلي” قال إنها مباشرة، وبين هذا وذاك فالمفاوضات مباشرة برعاية أممية.

متغيرات مفاجئة في الموقف اللبناني، وهو يفتح خط التفاوض المقطوع مع “إسرائيل”، معترفا بها طرفا له الحق في إبرام اتفاقية حدود برية أو بحرية، تؤمن العلاقة الجغرافية معه، بغض النظر عن المكاسب الاستثمارية التي يحققها أو لا يحققها.

تنازل أم واقعية سياسية سلك “حزب الله” نهجها، بدفع إيراني، رأى ضرورة استثمار الورقة اللبنانية، في إبداء مرونة قد تخفف وطأة الضغوط الأمريكية التي تحاصر نظام “ولاية الفقيه” الذي قبل بالوسيط الأمريكي في لقاء مرن مع “إسرائيل”، بعد ما خذل فرنسا بإفشال مبادرتها في تشكيل حكومة مستقلة تتولى مهمة إخراج لبنان من أزماته الخانقة؟!

مقالات ذات صلة