الرأي

لا‮ ‬مزايدة‮ ‬على‮ ‬وطنية‮ ‬الشارع‮!‬

قادة بن عمار
  • 3769
  • 4

حالة الاحباط التي يعيشها شباب الجنوب، لا يمكن إنهاؤها بمشاريع التنمية المؤقتة، ولا حتى بخداع الشارع المحلي عبر تغيير والٍ أو واليين، أو لقاء يشرف عليه الوزير الأول، من خلال اختيار من يدخلون ومن يجلسون في الصفوف الأمامية، وحتى من يتكلمون وينتقدون ويعارضون!

لا نعرف سببا أو مبررا واحدا يدفع وزراء الحكومة، إلى إبداء التعجّب والاستياء من تلك المقارنات التي يعقدها شباب الجنوب، حين يقولون بوجه خاص أن مناطقهم النائية باتت أكثر فقرا من مناطق تشاد والنيجر وحتى مالي الغارقة في الحروب!

 

وإذا كان المسؤولون عندنا يكذّبون تلك التصريحات ويعتبرونها ظالمة أو مجحفة، فماذا عن التقارير الدولية وبينها تقرير الشراكة الدولية للموازنات الذي منح الجزائر 13 نقطة فقط من أصل 100 في شفافية الميزانية العامة، والمثير أن مالي الغارقة في الحروب، والتي تحكمها حكومة‮ ‬منهارة‮ ‬وتتربص‮ ‬بها‮ ‬قوى‮ ‬الشر‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬مكان،‮ ‬حصلت‮ ‬على‮ ‬43‮ ‬نقطة،‮ ‬أي‮ ‬أفضل‮ ‬بكثير‮ ‬من‮ ‬الجزائر‮!‬

هل وضع شباب ورڤلة وتمنراست وإليزي، تلك التقارير وصاغوها في مخابر المؤامرات وبث الفتن والدسائس؟ أم أنها صادرة عن ذات الجهات الدولية التي لطالما هلّلت لها الحكومات المتعاقبة، واعتبرتها أكثر أهمية من كل آراء الشعب وأصواته في الانتخابات التي لا قيمة حقيقية لها‮!‬

من يشكّكون في وطنية الشباب الذي يقرر الاحتجاج سلميا وبشكل لا يضرّ بالمصلحة العامة، دون تخريب ولا حرق أو ممارسة الأذى، هم جهات تصبّ الزيت على النار دون أن تعلم، أو ربما تعلم وتفضّل الفرقعة الإعلامية على حساب المصلحة الوطنية!

ترويج حزب العمال، لقصة الشباب الذي يتدرب في تونس لاستيراد الربيع العربي، هو حديث يضر أكثر مما ينفع، وكان حريّ بهذا الحزب “التروتسكي” الذي يتحالف مع نقابة يرفضها غالبية العمال، ويمارس حبّ السلطة حبا جمّا من داخل صفوف المعارضة المزيّفة، أن يرفق تلك الاتهامات الخطيرة بدلائل واقعية لا يرق إليها شك، وأن يدعو إلى التعامل مع هؤلاء الشباب -لو صحت الواقعة- بكثير من التعقل، فلا أحد يزايد على وطنية الآخر، والواقع أنه لم تقتلنا غير تلك الزعامات السياسية الفارغة التي نفخت في الفتن وأيقظتها في كل مرة!

الحديث عن سفر مجموعة من الشباب هو ذاته الحديث الذي كانت تروجه الأنظمة المفلسة في تونس، ومصر وليبيا قبل سقوطها، وللأسف، تعيد إنتاجه الأنظمة الجديدة بعد الوصول إلى السلطة في ثورات لم تكتمل بعد، وقد كان بالإمكان فهم بواعثه ومبرراته لو أن الغرض منه هو احتواء هؤلاء‮ ‬الشباب‮ ‬ودراسة‮ ‬مطالبهم‮ ‬المشروعة،‮ ‬سواء‮ ‬كانت‮ ‬سياسية‮ ‬أو‮ ‬اجتماعية،‮ ‬وليس‮ ‬اتهامهم‮ ‬المجاني‮ ‬والمرسل‮ ‬بالولاء‮ ‬للخارج،‮ ‬وقبض‮ ‬أموال‮ ‬مقابل‮ ‬نشر‮ ‬الفوضى‮ ‬في‮ ‬الجزائر‮ ‬وتعريض‮ ‬استقرارها‮ ‬للتهديد‮!‬

مقالات ذات صلة