الرأي

لا‮ ‬شِعر‮ ‬ولا‮ ‬شَعير‮!‬

قادة بن عمار
  • 4494
  • 16

عبد المالك سلال لا يحبّ الشعر ويمقت الشعراء، لذلك لا يستطيع التفريق بين بيت في قصيدة وآية قرآنية، كما لا يجد مانعا في مخاطبة الأساتذة والمعلمين على أنهم “حفنة من المرتزقة الباحثين عن زيادة الأجور وفقط”، قبل أن يوجّه نقدا لاذعا للغشاشين في البكالوريا، مصرّحا‮: ‬أنه‮ ‬يمكن‮ ‬للحكومة‮ ‬أن‮ ‬تُغمض‮ ‬عينيها‮ ‬عن‮ ‬الغش‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬قطاع‮ ‬ماعدا‮ ‬في‮ ‬التربية‮ ‬والتعليم‮!‬

لا يعلم سلال أن ما قاله في ثانوية الرياضيات بالعاصمة، أشدّ وقعا وخطورة من أيّ عملية غش في امتحان، لدرجة أنه يحق للتلاميذ الذين عاقبتهم الحكومة في البكالوريا بالإقصاء لمدة سنة واحدة، الخروج للشارع مستقبلا، لكن ليس لطلب عفو عام ولا صفح من الحكومة الغشاشة وإنما‮ ‬للمطالبة‮ ‬بمحاسبة‮ ‬الجميع‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬المستوى‮ ‬المتدني‮ ‬الذي‮ ‬وصلت‮ ‬إليه‮ ‬البلاد،‮ ‬حيث‮ ‬تُحلّل‮ ‬الحكومة‮ ‬الغش‮ ‬على‮ ‬نفسها‮ ‬وتحرّمه‮ ‬على‮ ‬البقية‮!‬

لا أحد من الجزائريين، حتى أولئك المحسوبين على المعارضة، والذين لا ينتظرون خيرا من هذه الحكومة الفاشلة والسلطة الضائعة، لم يشعر بالخجل الشديد، عقب الخطاب الفضيحة الذي وجهه عبد المالك سلال خلال القمة العربية في الدوحة، حتى أن أبسط جزائري كان يشاهد تلك الأعاجيب‮ ‬اللغوية‮ ‬التي‮ ‬ابتدعها‮ ‬الوزير‮ ‬الأول‮ ‬تمنى‮ ‬لو‮ ‬انشقت‮ ‬الأرض‮ ‬فابتلعته‮ ‬حينها‮ ‬قبل‮ ‬إتمام‮ ‬الخطاب‮ ‬ولا‮ ‬أن‮ ‬يرى‮ ‬نظرات‮ ‬الشماتة‮ ‬في‮ ‬عيون‮ ‬الأشقاء‮ ‬العرب،‮ ‬من‮ ‬المحيط‮ ‬إلى‮ ‬الخليج‮!‬

عبد‮ ‬المالك‮ ‬سلال‮ ‬فضحنا‮ ‬في‮ ‬الدوحة،‮ ‬وبالتالي،‮ ‬فلا‮ ‬غرابة‮ ‬أن‮ ‬يفضحه‮ ‬الله‮ ‬فيربكه‮ ‬أمام‮ ‬الملأ‮ ‬ليقول‮ ‬بلغة‮ ‬الواثق‮ ‬من‮ ‬نفسه،‮ ‬والمتأكد‮ ‬من‮ ‬سلامة‮ ‬معلوماته‮ ‬أنه‮ ‬لا‮ ‬يريد‮ ‬شعرا‮ ‬مثل‮ “‬قل‮ ‬أعوذ‮ ‬برب‮ ‬الفلق‮”!‬

لا يعرف سلال أن الشعب لا يريد بالمناسبة أيضا من حكومته شعرا، لكنه يريد خبزا وشعيرا.. يريد عملا وسكنا وكرامة، وعدالة قوية ومستقلة، يريد إدارة لا تُرهبه، وبرلمانا لا يغشّه، وسلطة لا تقمعه ولا تُنافقه.. يريد طبقة سياسية غير كاذبة، وجمعيات لا تتشكل من المرتزقة، ومستشفيات صحية، ومدارس دافئة، وجامعات متخلقة ومبدعة.. يريد الشعب إعلاما حرا، واقتصادا منتجا، وشركات غير فاسدة، وشوارع نظيفة.. فهل يستطيع عبد المالك سلال توفير كل هذه المتطلبات عاجلا للشعب، أم أنه.. لا شعر ولا شعير؟!

طبعا، الإجابة معروفة سلفا، ففاقد الشيء لا يعطيه، كما أن الوزير الأول الذي يصرح للصحافيين خلال افتتاح برلمان “التشماس والتحواس” أنه لا حاجة للبلاد بانعقاد مجلس للوزراء، فهو بلا شك يقدم اعترافا مهما على أن الدولة يمكنها السير بدون مجلس وزراء ولا وجع رأس، تماما مثلما قال وزير الاتصال يوما حين صدّعته الصحافة بالسؤال حول مرض الرئيس وغيابه خارج البلاد فرد مستنكرا ومتعجبا: “ما الذي تغير، هل توقفت الحياة؟ هل جُمّدت الرواتب؟”، والإجابة طبعا “لا يا معالي الوزير”، فالحافلة تسير، والدولة تسير، ومثلما تقول رواية السلطة نفسها‮.. ‬تسير‮ ‬بلا‮ ‬مجلس‮ ‬وزراء،‮ ‬ولا‮ ‬أيّ‮ ‬نشاط‮ ‬برلماني،‮ ‬ولا‮ ‬حتى‮ ‬رئيس‮.. ‬وطبعا‮ ‬فإنها‮ ‬ستسير‮ ‬أيضا‮ ‬من‮ ‬دون‮ ‬عبد‮ ‬المالك‮ ‬سلال‮. ‬

مقالات ذات صلة