العالم
هكذا ترد الجزائر على تحرشات النظام المغربي

كل استفزاز تعقبه عقوبات اقتصادية مؤلمة ضد الرباط

محمد مسلم
  • 9047
  • 0

العقوبات الاقتصادية هي الورقة الأكثر إيلاما للنظام المغربي، وهي واحدة من الأوراق التي اضطرت السلطات الجزائرية إلى لعبها، لكبح اندفاع المملكة العلوية نحو الإضرار بالمصالح الحيوية المرتبطة بالأمن القومي للبلاد، وقد أثبت هذا النوع من العقوبات جدواه منذ قطع العلاقات الدبلوماسية.

وآخر فصل من فصول هذه العقوبات، تمثل في اتخاذ إجراءات مؤلمة ضد الموانئ المغربية، ولم تلبث النتائج أن برزت إلى الواجهة بسرعة لم تكن منتظرة، فقد أعلنت شركتا الشحن الدانماركية العملاقة     “Maersk” والفرنسية “CMA CGM” عن عدة تغييرات في مسارهما باتجاه الجزائر، وقررتا عدم المرور على ميناء طنجة المغربي، بعد ما كان هذا الأخير محطة رئيسية في خطهما البحري.

وتحتل الشركة الدانماركية “ميرسك(Maersk) ” المرتبة الثانية في العالم من حيث حجم الشحن، وتضم 900 فرع أو مكتب في 130 دولة عبر العالم، ويحصي أسطولها البحري 711 حاملة حاويات، وبإيرادات قدرت بـ106 مليار دولار في السنة المنصرمة 2023، فيما قامت بشحن بضائع بقيمة 675 مليار دولار في السنة.

فيما تحتل الشركة الثانية التي أوقفت تعاملها مع الموانئ المغربية تحاشيا للصدام مع الجزائر، الفرنسية “CMA CGM” التي تتخذ من مرسيليا مقرا لها، المرتبة الثالثة عالميا، بإيرادات قدرت بـ55.97 مليار دولار في سنة 2023، وبأسطول يتكون من 599 حاملة حاويات، تعبر 420 ميناء في 160 دولة.

وقامت الشركتان بإلغاء مرور حاوياتهما عبر ميناء طنجة المغربي قبل وصولها إلى الجزائر، وذلك بعد ما كان هذا الميناء يشكل محطة هامة في خطها وخاصة بالنسبة لشركة “ميرسك”، بحيث قررت توجيه غالبية حركة المرور إلى مناطق مثل الجزائر العاصمة وسكيكدة وبجاية عبر موانئ كل من برشلونة و”الجزيرة الخضراء” الإسبانية، في حين قررت شركة الشحن الفرنسية “CMA CGM” توجيه حاملات حاوياتها إلى ميناء فالنسيا والميناء الأندلسي كمراكز إعادة الشحن الرئيسية على طرقها مع الجزائر.

وأرجعت شركة “ميرسك” التغييرات التي أقرتها في مسارها البحري “إلى زيادة الواردات الجزائرية”، ولهذا السبب سعينا إلى “زيادة قدرة وإنتاجية شبكتنا لخدمة هذا الطلب المحدد”، فضلا عن التطورات الجيوسياسية التي يشهدها مضيق باب المندب على مستوى البحر الأحمر، علما أن العملاق الدانماركي أعلن في 22 يناير الجاري، أن ميناء برشلونة أصبح محطة الشحن الخاص بالسلع والخدمات المتوجهة إلى ميناءي سكيكدة والجزائر العاصمة، في حين تحول ميناءا “الجزيرة الخضراء” وبرشلونة بإسبانيا إلى بديل لميناء طنجة المغربي في السلع المتوجهة إلى ميناء بجاية. وفيما يتعلق بميناء وهران، أعلنت شركة ميرسك أنه “لن تحدث أي تغييرات نظرا لأن الجزيرة الخضراء كانت بالفعل ميناء إعادة الشحن”.

أما بالنسبة لشركة “CMA CGM”، فقد أشارت شركة الشحن التي يقع مقرها في مرسيليا في 19 يناير إلى أن “جميع البضائع المتجهة إلى الموانئ الجزائرية، وهران ومستغانم والغزوات سيتم من الآن فصاعدا إعادة شحنها في ميناءي فالنسيا أو “الجزيرة الخضراء” الإسبانيين، بدلا من ميناء طنجة المغربي”. كما قامت الشركة الفرنسية بإسقاط الميناء المغربي، من رحلتين مع الجزائر، وأضافت ميناء “الجزيرة الخضراء” الإسباني.

وعادة ما تكون العقوبات التي تفرضها الجزائر على النظام المغربي، رد فعل على تحرش أو استفزاز من قبل النظام العلوي في الرباط، فقد جاء قرار الجزائر بوقف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يمر إلى إسبانيا عبر التراب المغربي، ردا على تنسيق النظام المغربي مع الكيان الصهيوني لضرب الأمن القومي للبلاد، والسماح لوزير الخارجية الصهيوني الأسبق، يائير لابيد، بالتهجم على الجزائر من الرباط وبحضور وزير الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، في سابقة لم تحصل في أي دولة عربية منذ ميلاد الكيان الغاصب قبل أزيد من سبعة عقود.

ويرى مراقبون أن العقوبات الجزائرية الأخيرة جاءت ردا على محاولة النظام المغربي ضرب الأمن القومي للجزائر في منطقة الساحل، بالتعاون مع دولة عربية باتت بمثابة أداة في يد تل أبيب لخلط الأوراق في المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل، تماما كما هو حاصل مع النظام المغربي، الذي أصبح جهاز “الموساد” يدير دواليب القصر في الرباط، وهو من يرسم سياساته التدميرية ضد جيرانه وأشقائه.

مقالات ذات صلة