الرأي

كفى‭ ‬كذبا‭!‬

قادة بن عمار
  • 5470
  • 19

عندما يقول زعيم الحركة الشعبية، عمارة بن يونس، إن الجزائريين ليسوا شعبا يهتم أفراده بكروشهم فقط، أو مجرد زوالية يبحثون عن الخبزة، لكنهم شعب “النيف والكرامة” والمبادئ العليا ووو… فإن بن يونس هنا يضع فاصلا غير منطقي بين أمرين أساسين، أو يفرّق ما بين الكرامة‭ ‬والخبز،‭ ‬وكأنه‭ ‬يستحيل‭ ‬التقاؤهما‭ ‬في‭ ‬شعب‭ ‬واحد‭!‬

أخطأ عمارة بن يونس، مثل مرّات كثيرة جانب فيها الصواب، سواء كان معارضا أو تائبا في صفوف السلطة، أو وزيرا مواليا، فالشعب الجائع لا يمكنه بأيّ حال من الأحوال أن يتعايش أو يعيش مع تلك التبريرات السخيفة، التي يقدمها بن يونس وجماعته، عشية كلّ انتخابات، كما أن كرامة الجزائريين التي ضاعت على مرّ السنين، بفعل حكومات مُفلسة ووزارات متورطة، بتمريغ أنوف المواطنين في الوحل، لا يمكن استردادها ببطون جائعة، وأجساد تقاوِم البرد في الشارع، وتتزاحم للنوم على الأرصفة!

قبل يومين، نشرت الشروق موضوعا عن عائلة تسكن في شاحنة منذ 10 سنوات، أي أنّها عايشت أكثر من حكومة وعشرات الوزراء، لكن لا أحد من هؤلاء الذين يتنافسون على كيل المديح للشعب، بالهف والنفاق، تحركوا من أجل تغيير وضع هذه العائلة، التي لا يمكن الكذب عليها، بالادعاء أنها‭ ‬عائلة‭ ‬تحبّ‭ ‬وطنها،‭ ‬وتموت‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬داخل‭ ‬شاحنة‭!!‬؟

لقد ابتلانا الله بطينة من الوزراء والمسؤولين، الذين يضحكون علينا صباحا ومساءً، بمزيد من الأكاذيب التي تجعل من حبّ الوطن سببا لتجويع أفراده، ومن رمزية الثورة مبرّرا لسرقة ماله وبتروله، ومن خمسينية الاستقلال مسوغا لنهب ثرواته وتزوير تاريخه!

على‭ ‬من‭ ‬يضحك‭ ‬عمارة‭ ‬بن‭ ‬يونس،‭ ‬وأحمد‭ ‬أويحيى‭ ‬وعبد‭ ‬العزيز‭ ‬بلخادم،‭ ‬وأبو‭ ‬جرة‭ ‬سلطاني‭ ‬وموسى‭ ‬تواتي‭ ‬ولويزة‭ ‬حنون،‭ ‬وعلي‭ ‬العسكري‭ ‬وكريم‭ ‬طابو،‭ ‬وعبد‭ ‬الله‭ ‬جاب‭ ‬الله‭ ‬وفاتح‭ ‬ربيعي‭ ‬وجمال‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭..‬‮ ‬ووو‭!!‬؟

هؤلاء وغيرهم، لم يساهموا في إفلاس المشهد السياسي وحسب، وإنما في تمريغ أنوف الجزائريين، وصادروا القيمة الأولى التي قامت عليها الثورة المجيدة، حين فرّطوا في الحرية أو تواطؤوا عليها، وعندما اغتالوا حبّ الجزائريين البسطاء لوطنهم، فجعلوا شيوخهم قبل شبابهم يفكرون‭ ‬في‭ ‬الهروب،‮ ‬انتحارا‭ ‬أو‭ ‬احتراقا‭ ‬أو‭ ‬عبورا‭ ‬عبر‭ ‬البحار‭!‬

لن يسترجع الجزائريون كرامتهم ما دام هؤلاء مستمرين في السلطة، مثل مسمار جحا، ولن يفكر المواطنون بغير بطونهم، طالما أنهم جوعى في بلد غني، كما لن يشاركوا في الانتخابات مادامت هذه الأخيرة ترمز فقط للتزوير ومصادرة الإرادة الشعبية، واستمرار اللقطاء سياسيا في الحكم‭.‬

مقالات ذات صلة