قوافل من المختصين النفسانيين لكسر جدار الخوف من “البيام” و”الباك”!

يرتقب الأولياء الذين لديهم أبناء مقبلون على امتحاني “البيام” و”البكالوريا”، هذا الموعد بقلق وتوتر، فقبل التاريخ الرسمي لإجراء الامتحانين، تزداد حالتهم النفسية سوءا بانقضاء الأيام، خاصة أن الكل يطمح في أن يكون ابنه أو ابنته من الناجحين، بل ويذهب البعض إلى أكثر من ذلك، حالمين بتولي فلذات أكبادهم المراتب الأولى!.. مقابل ذلك، يجد التلميذ نفسه مجبرا على الخضوع لتوجيهات والديه، التي قد تكون سلبية النتائج، فتدفع ببعضهم إلى الانتحار، خوفا من العقاب في حال الرسوب.
ويرى مختصون أهمية مرافقة الأولياء النفسية لأبنائهم، خلال فترة الامتحانات، على النحو الذي يخفف من توترهم، ويقلل الضغط عليهم، من خلال تقديم النصائح والتوجيهات، ومنحهم الدعم المعنوي، الذي يعطيهم ثقة أكبر في النفس بمزيد من الطمأنينة لتحقيق نتائج إيجابية في امتحاناتهم.
وفي السياق، كشف عبد الكريم عبيدات، رئيس الجمعية الوطنية “صوت الشباب”، لـ”الشروق”، عن برنامج خاص أعد من طرف المركز الوطني لرعاية الشباب ببوشاوي لمساعدة التلاميذ، والطلبة ومرافقتهم خلال الامتحان، يتمثل في حافلة “بسيكو بيس” تضم طاقما من المختصين في علم النفس، إلى جانب طبع وتوزيع أقراص مضغوطة تحمل برنامجا مسطرا بدقة، يمكن استغلالها في توجيه التلاميذ المقبلين على امتحانات رسمية مثل “البيام” و”البكالوريا”، من طرف الأولياء والمؤسسات التربوية وبعض وسائل الإعلام، كما يمكن للتلاميذ الاعتماد عليها في تنظيم الوقت وتحديد الوجبات الغذائية المناسبة، والطرق الذكية للمراجعة والحفظ.

30 مختصا في “بسيكوبيس” لمرافقة ممتحني “البيام” و”الباك”
ويرى عبيدات بأن امتحانات شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا، هي اختبار عادي، لا يختلف عن الاختبارات الأخرى التي يمتحن فيها التلميذ خلال السنة الدراسية، لأن هذا الأخير مطالب فقط، بالإجابة عن السؤال الذي لا يخرج عن نطاق البرنامج المسطر والدروس المقدمة من قبل.
وأكد أن مركز رعاية الشباب استحدث لأول مرة تجربة جزائرية لم يسبق اعتمادها في أي دولة أخرى، تتمثل في حافلة المرافقة النفسية “بسيكو بيس”، تضم 30 مختصا في الرعاية النفسية، يتمثل دورهم في مرافقة التلاميذ المرشحين لشهادتي “البيام” و”الباك”، قبل وبعد خروجهم من الامتحان.
وأشار المتحدث إلى أن مهمة حافلة “بسيكو بيس” بدأت العام الماضي، في إطار برنامج لحماية شباب الأحياء الشعبية، من الإدمان على المخدرات والحبوب المهلوسة، موضحا أن حافلة المختصين النفسانيين استفاد منها أيضا التلاميذ في مراكز الامتحانات، أين كان بعضهم متوترا وقلقا تحت تأثير الخوف من أسئلة الامتحان والارتباك في الإجابة عنها.
وقال عبيدات إن المختصين تنقلوا عبر “بسيكو بيس”، من مؤسسة إلى أخرى، وجابوا الكثير من المراكز التي أجريت فيها امتحانات مصيرية تتعلق بـ”البيام” و”الباك”، أين هيؤوا الحالة النفسية للتلاميذ لمواجهة حالة الإخفاق أو عدم القدرة على حل أسئلة مادة ما، وكيفية استدراك الأخطاء وتفاديها والتخلي عن السلبية وآثار امتحان المادة المبرمجة في مقدمة امتحانات المواد الأخرى.
ونوه عبيدات إلى أن الحافلة التي تم تجهيزها في إطار رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات في أوساط الأحياء الشعبية، كانت لها أول تجربة في المؤسسة العقابية بالحراش، أين رافق المختصون في علم النفس، المساجين المقبلين على امتحاني شهادة البكالوريا والتعليم المتوسط خلال العام الماضي.
وإلى جانب ذلك، يسعى المركز، بحسب المتحدث، إلى تقديم توجيهات للأولياء، حول كيفية التعامل مع أبنائهم خلال فترات الامتحانات، والطرق الناجحة في تفادي التحاور السلبي مع فلذات أكبادهم، وكيفية تحفيزهم وإبعادهم عن الضغط.
وأفاد الخبير الدولي في رعاية الشباب، عبد الكريم عبيدات، بأن تجربة “بسيكو بيس”، كشفت له أن بعض التلاميذ المقبلين على امتحاني “البيام” و”الباك”، يتعرضون لتهديدات وضغط مبالغ فيه من طرف الأولياء، يجعلهم يفرون من المنزل أو يفكرون في الانتحار، خوفا من العقوبة في حال رسوبهم في هذين الامتحانين المصيريين.

20 ألف قرص مضغوط يضم نصائح للتلاميذ الممتحنين
وفي ذات السياق، أكد عبيدات، أن أكثر من 20 ألف قرص مضغوط سيكون جاهزا قبل انطلاق امتحاني “البيام” و”الباك” لعام 2024، تتضمن هذه الأقراص مجموعة من النصائح والتوجيهات، التي تشرد وتوجه التلاميذ إلى الطرق السليمة والصحيحة لتحقيق نتائج إيجابية خلال الاختبار، بينها أمثلة على الإجابة النموذجية، وكيفية استغلال الوقت وتنظيم الورقة لتفادي الاضطراب.
وتحتوي الأقراص المضغوطة، على دروس وإرشادات حول كيفيات تفادي فقدان التركيز في أثناء الإجابة، وما هو الأكل المناسب والصحي خارج المنزل.
ودعا عبد الكريم عبيدات الطلبة الراغبين في الحصول على قرص مضغوط يضم كل هذه التوجيهات والنصائح، إلى زيارة المركز الوطني لرعاية الشباب ببوشاوي، ليمنحهم إياه مجانا، ويستفيدون بذلك من من خبرة واستشارة المختصين النفسانيين، مؤكدا، بحسب رأيه، أن العملية ساهمت في نجاح نسبة 50 بالمائة من التلاميذ الذين استفادوا من “بسيكو بيس” خلال إقبالهم على امتحاني “البيام” والبكالوريا، حيث يرتقب أن تكون نتائجها الإيجابية أفضل بكثير عن العام الماضي.

مشروبات الطاقة عادة سيئة يواجه بها التلاميذ ارتباك الامتحانات
ومن جهته، حذر المختص في الصحة العمومية، امحمد كواش، من تزايد استهلاك مشروبات الطاقة لدى الشباب والطلبة، في فترات المراجعة والامتحانات، حيث يعتقدون أنها تذهب عنهم الارتباك وإرهاق الضغط والتعب، في حين، بحسبه، تهدد حياتهم وصحتهم، لما لها من أضرار بليغة.
وقال إن الأمر لا يتوقف عند ذلك، فبعض التلاميذ، يستهلكون مكملات غذائية دون استشارة الطبيب المختص، حيث يكتفون، بحسب كواش، بتلك المعلومات التي تؤكد عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنها مصدر لزيادة قوة الذاكرة، ومحفزة على الحفظ والتركيز الجيد، في حين إنها تحتوي مكونات قد تضر بصحة متعاطيها.
وأشار أحمد كواش، إلى الدرجة التي وصلت إليها، معاناة الكثير من المقبلين على الامتحانات النهائية، بحيث يواجهون اضطرابات النوم، وآثار القلق والتوتر والانفعال، فيؤدي ذلك، بحسبه، إلى نقص الشهية والإصابة بالنحافة، والدوخة، وغيرها من الاضطرابات النفسية والجسدية. ودعا إلى المرافقة النفسية الأسرية وتولي الأولياء هذه المهمة، برفع الضغط عن أبنائهم، وطمأنتهم، وتجنب الإحباط النفسي لهم، قبل وبعد الامتحان، وتقديم الغذاء والرعاية لهم ما يحافظ على بنيتهم الجسدية من خلال وجبات صحية تقوي المناعة.
ونصح كواش الأولياء باعتماد وجبات صحية متقطعة، وبرنامج غذائي مبني على الحليب ومشتقاته، يستفيد منه الأبناء الممتحنون، إلى جانب تناول الخضر والفواكه التي تحتوي على الفيتامينات والأملاح المعدنية.
كما أعطى أهمية لساعات نوم التلميذ المقبل على الامتحان المصيري، حيث تصبح مفيدة له إذا كانت كافية، وبهذه الخطوات يمكن للتلميذ أن يراجع ويحفظ دروسه في ظروف صحية جيدة، مستغلا الفترات الصباحية وما بعد الفجر حتى لا يشعر بالإرهاق.