الجزائر
مع اقتراب الشهر الفضيل.. جمعيّات تستجدي القلوب الرحيمة:

… قفّة الفقراء في خطر!

وهيبة سليماني
  • 4244
  • 0
أرشيف

تعمّقت الأزمة الاقتصادية في الجزائر إلى درجة عجزت الكثير من العائلات على مواجهة الضروريات اليومية الحياتية، وباتت الحاجة الملحة للصدقات للتغلب على الغلاء الفاحش هدف شريحة واسعة من المجتمع!.. لتبقى الجمعيات الخيرية بصيص الأمل الذي يتشبث به بعض الجزائريين مع اقتراب شهر رمضان، لمليء القفة ببعض المواد الغذائية لتحضير مائدة الإفطار وإدخال السعادة للبيوت الفقيرة، لكن هذه المرّة.. يبدو أن الأزمة وصلت إلى المحسنين والمتبرعين فأخلطت أوراق الجمعيات التي تستقبل يوميا، عشرات المحتاجين إلى الإعانة، ولم تعد تستقبل التبرعات مثلما كانت عليه في السنوات الماضية، رغم الاستعانة بـ”الفايسبوك”.

سلال الصدقات في المراكز التجارية فارغة

واشتكت جمعيات خيرية من تراجع التبرعات التي كانت تتسابق إليها شركات مصغرة وأخرى كبرى ورجال الأعمال، حيث لم يضبطوا لحد الساعة حجم المواد الغذائية وبعض الضروريات لتحديد عدد “القفف”، وضبط المستفيدين منها، وقال رؤساء بعض هذه الجمعيات، إنه منذ 11سنة لم يشهد أزمة صعبة جعلتهم “يتسوّلون” التبرعات، فرغم الاستعانة بـ”الفايسبوك”، إلاّ أنّ مظاهر التخلي عن فكرة “التبرع” و”التصدق” تبدو واضحة، فحتى المحسنون دخلوا في دائرة الأزمة والحاجة، والإفلاس الذي أرغمهم على نسيان العمل الخيري والانطواء على حالتهم.

جهاد لجمع 100 قفة على الأقل
وقال في هذا السّياق، رئيس جمعية سنابل الخير بلال توتي، إن الوضع الاقتصادي أثر على العمل التضامني بشكل كبير، وأدى إلى نقص فاضح في التبرعات، وإن الشركات الكبرى لاسيما المتخصصة في العجائن وبعض المواد الغذائية، تعرّضت لإفلاس أو تراجع إنتاجها واعترضتها بعض المشاكل، مما أدّى بأصحابها إلى عدم الالتفات إلى العمل الخيري الذي لطالما تعوّدت عليه، كما أنّ بعض المؤسسات العمومية والخاصة سواء الصغيرة أم الكبيرة اتجهت في عملها التطوّعي إلى جمعيات خيرية محددة وتقليص مجال تعاملها.
وأكّد بلال توتي أنّ هناك مجاهدة لجمع المواد الغذائية من طرف المتبرعين، وأنّ 100 قفة فقط تحتاج إلى مزيد من الجهد والسعي لجمعها، حيث قال إن السنة الماضية استفادت 420 عائلة من قفة رمضان، إلا أن هذه السنة رغم تسجيل 450 عائلة فقيرة، لم يتبين لحد الساعة مصير المساعدات لملء “القفة” التي تحتاجها كل هذه العائلات.
وتأسف بلال للأسعار الكارثية لمواد غذائية ضرورية حالت دون التشجيع على التبرع، حيث قال: “منذ 11 سنة وأنا أعمل في الميدان الخيري، لم أشهد أزمة تواجه المجتمع المدني مثل هذه”.

سلال التبرعات في المراكز التجارية الكبرى فارغة!
وأدّت حالة الأزمة والغلاء في المواد الغذائية وبعض الحاجيات الضرورية، إلى تسوّل الجمعيات في المراكز التجارية الكبرى، لجمع التبرعات عبر سلال واسعة توضع فيها السلع التي يتركها المحسنون وفاعلو الخير داخلها، لكنها في الغالب تبقى فارغة، حسب ما أكده رئيس جمعية سنابل الخير.
ومساعدة الفقراء من طرف المجتمع المدني، عمل شاق يواجه الكثير من الجمعيات مع اقتراب شهر رمضان، خاصة أن بعضها تعول على فتح مطاعم لإفطار عابري السبيل والفقراء والمتشردين.
وأكّدت في هذا الصّدد رئيسة جمعية شباب الخير الكائن مقرها بخرايسية غرب العاصمة أنّ قائمة الفقراء والعائلات التي يقل دخلها عن 18 ألف دج توسّعت لدى الجمعيات الخيرية، في الوقت الذي تراجعت فيه التبرعات إلى حد لا يصدق.
وقالت المتحدّثة إن أعضاء جمعيتها، في رحلة عصيبة يجاهدون بكل الطرق لجمع كميات معقولة من المواد الاستهلاكية، وقد لجؤوا إلى المراكز التجارية الكبرى عبر بعض الولايات والبلديات في العاصمة، ولكن هذه السلال حسبها، تبقى فارغة وإن ملأت فإن ذلك يمتد لعدة أيام ويصل أحيانا إلى شهر.
وعبرت عن أسفها، للوضع الكارثي الذي وصل إليه العمل الخيري والتضامني، حيث لم تحدد حسبها، من سيستفيد من القفة الخاصة بشهر رمضان، رغم الحاجة الملحة لبعض الجزائريين إلى المساعدة ولو في ال15يوما الأولى للشهر الكريم.

“الفايسبوك”.. من هنا تمد يد الجمعيات للمحسنين
وقالت رئيسة جمعية شباب الخير، إنّ الجمعية تمكنت في السنوات الأخيرة من مساعدة عائلات في الجزائر العاصمة وفي خرايسية ونواحيها، كما أنها فتحت مطاعم للإفطار، لكن لابد، حسبها، من المحافظة على هذا البرنامج، حيث أدت الأزمة الاقتصادية حسبها، إلى استغلال “الفايسبوك” كوسيلة رقمية لإيصال صوت الجمعيات إلى أنحاء من التراب الوطني، وجمع التبرعات من طرف بعض المحسنين، الذين لم يعد حسبها،من السهل إقناعهم ودفعهم إلى التبرع، واستمالتهم للفعل الخير.
وأضحت المتحدثة أن الكثير من المتبرعين والمحسنين، استمروا لسنوات يدعمون الجمعيات، ولكن الوضع وصل بهم إلى حالة العجز حيث دخل بعضهم في قائمة المحتاجين لحل مشاكلهم المالية.
وفي ذات السياق، أكّد رئيس فرع جمعية كافل اليتيم بالدويرة أنّ الحاجة إلى إيجاد المتبرعين وجد حلها في “الفايسبوك”، حيث بدأت حملة الدعوة لفعل الخير منذ أيام، خاصة أن شهر رمضان على الأبواب.
وأوضح، أنّ الجهد مبذول من طرف أعضاء الجمعية، في ظل الغموض السائد حول تحديد عدد “قفة” رمضان، وكميات المواد الاستهلاكية المتربع بها، حيث لم تظهر المبادرات من طرف المتبرعين الذين يتحججون حسبه، بأنّ الوقت لم يحن بعد لتزويدهم بالمواد الغذائية.
وأشار إلى أن إيجاد نشطاء يجمعون التبرعات من خلال الفايسبوك، الحل الذي يمكن أن يحقق ولو نصف الخطوة، وذلك أيضا بتوسيع مجال التبرع عبر جميع الولايات، متأسّفا على الأزمة التي تسببت فيها كورونا، حيث لم يتبق على حلول شهر رمضان أقل من شهر والجمعيات لا زالت تتخبط في مشاكل جمع التبرعات.

“السميد” والزيت والسكر أساسيات غائبة في التبرعات
من جهته، أكّد رئيس جمعية آفاق الخيرية، مسعود عزة، أن وباء كورونا أثّر بشكل بالغ في التبرعات من طرف المحسنين، حيث يشتكي المساهمون، حسبه، من غلاء بعض المواد الغذائية التي أسقطوها من قائمة الصدقات للفقراء والمساكين.
وقال عزي، إنه منذ سنتين تقريبا، تجد جمعيته صعوبة في جمع بعض المواد الغذائية، حيث تخلى المتبرعون عن التصدق بالزيت والسكر و”السميد” بعد تسجيل ندرة فيها وارتفاع أسعارها، ووصل الأمر هذه السنة لإسقاط حتى الحبوب اليابسة، والفواكه الجافة من قائمة المواد الغذائية التي تجمع للفقراء والتي تملأ بها قفة رمضان.
ويرى مسعود عزي، أن غلاء المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها المساكون والفقراء لتحضير مائدة الإفطار، عرقلة العمل الخيري، حيث بعد أن كانت جمعية آفاق الخيرية، توزع 400 قفة لرمضان، ستوزع فقط 160 أو 180 قفة لشهر الصوم.

مقالات ذات صلة