الرأي

قطع رأس الشراكة في إدارة عراق ممزق

ح.م

أي انقلاب تعيشه إيران الآن؟

ميليشياتها لم تعد في مكان آمن، أرادته ولاية في قواعد نفوذها الإقليمي، لم تنته من بناء صرحه الآمن، فالقوى الأمريكية الموازية لوجودها، لم تعد راغبة ببقائها العبثي .

كانت شريكا لاحتلال أمريكي، شراكة غير متجانسة، انقلبت إلى صراع قاتل، في زمن متحول، لم تدرك طهران حتميته.

قطعت رؤوس الإرهاب الإيراني في العراق، عنوان عريض اختاره البنتاغون لعملية استهداف قاسم سليماني قائد فيلق القدس ومرافقيه، فانقلبت كل المعطيات التي رآها البعض قد استقرت عند إرادة “الولي الفقيه” ضامنا الصمت الأمريكي الطويل، إزاء مخطط إنماء قوة “الترهيب” التي انتزعت مناطق نفوذ لتواجدها دون رادع دولي أو عربي.

خرجت أمريكا عن صمتها، وفضت شراكة غير متجانسة، وأحرقت أجساد شركاء ظنوا صمتها ضعفا، أو تواطؤا مع إرادة إمبراطورية حالمة، تأخذ الشرق الوسط على عاتقها.

الشراكة الأمريكية – الإيرانية كان لها زمنها، ظروفها، مبرراتها، شراكة خبيثة أسقطت وطنا، وشردت شعبا، انتهى الآن دورها، وعادت طهران تجر أذيال الخيبة، وتلملم أشلاء قتلاها الذين سقطوا بنيران شريكها.

شريكان في إدارة شؤون العراق الممزق، وعدوان نشهد معاركهما في وسائل الإعلام، شهدت الأيام الأخيرة أول احتكاك لهما، بدأ بضربات متتالية استهدفت قواعد أمريكية نفذتها ميليشيات “الحشد الشعبي”، وقصف أمريكي مدمر لمعسكر ما يسمى بـ”ميليشيات حزب الله” والرد بهجوم على مجمع السفارة الأمريكية في بغداد.

هجومات متبادلة، كانت إعلانا صريحا لطلاق الشريكين، في مرحلة، أفرزت معطيات جديدة، حددت إدارة البيت الأبيض بقيادة دونالد ترامب أبعادها الرامية إلى إنهاء الدور الإيراني في العراق، وتجريد الميليشيات الطائفية من أسلحتها.

حسابات خاطئة، وأوهام طغت على العقل الإيراني المدبر لسياسات ألغت مفهوم الدولة، ولم تعر اعتبارا لسيادة أية دولة، أو أمن شعبها، حتى اعتقدت أنها القوة الأعظم في الشرق الأوسط التي تتحاشى القوى الكبرى مواجهتها.

هل أدركت إيران الآن أن شركاء الخصوم استثمار فاشل، لا يأتمن أحدهما للآخر؟

وقع النظام الإيراني في فخ حساباته الخاطئة، ولم يضع في ميزان رؤيته، أن يضحى الهدف المقبل لإدارة أمريكية جديدة، تختار لسياساتها أدوات جديدة، ووسائل أخرى تتلاءم مع برامجها الخارجية.

شراكة ثنائية اعتنى بها الرئيس جورج بوش، ورسخها الرئيس باراك أوباما بانتهاء احتلال العراق، وتركه أرضا مباحة لإيران وجيشها الميليشياوي العريض، وحكومة جعلت الولاء لـ”الولي الفقيه” في منزلة قدسية.

إرث ثقيل ورثه الرئيس دونالد ترامب، لا يتكافأ مع برامج عهدته الرئاسية، ولا يمتلك قدرة التبرؤ منه، فبمجرد التفكير فيه يدخل الشرق الأوسط في أزمة أمنية، يدرك عنف عواقبها.

مكاسب إيران التي رسختها سياسات أمريكية بلا رؤيا مستقبلية في الشرق الأوسط، لن يتخلى عنها نظام “الولي الفقيه” بأي ثمن، فهي قاعدة وجوده، إن فقدها فقد وجوده في طهران، وهو أمر يجعل صراع الطرفين أبعد من بلوغ غايتهما في خيار حرب أو حوار بات مستحيلا.

مقالات ذات صلة