الرأي

قطط الثورة…!

قادة بن عمار
  • 7697
  • 18

يقال أن نسبة مشاهدة قناة الجزيرة انخفضت وبات الجميع يتهرب منها، عقب تبنّيها خطاب الثورات العربية واحتضانها الربيع الذي احترنا فيه جميعا، بعضنا كفر به كليا والبعض الآخر، اندهش لمآلاته!

الواقع أن عددا كبيرا من الباحثين والأكاديميين ينظرون إلى تراجع الجزيرة على أنه “أمر منطقي جدا”، بل ومتوقع في ظلّ الأخبار التي تحولت إلى جثث منشورة على الهواء مباشرة، والتي سرعان ما ينهي مذيع الأخبار عدّها على مسامعنا، ثم يختتم نشرته بابتسامة دافئة، على أمل اللقاء بنا في المشرحة أو النشرة المقبلة!

لا، بل الحق يقال “كثّر خير” القناة التي يسيرها وزير خارجية قطر ورئيس حكومتها، الشيخ جاسم، فهي انتظرت بلوغ عدد قتلى الثورة السورية سقف الثلاثين ألفا، حتى تشرع في بث نشرة إخبارية تتعلق بالشأن السوري وحده، ولمدة نصف ساعة فقط خلال اليوم، وكأنها تقدم شيئا آخر في بقية الساعات!

كما أن الجزيرة أحسن بكثير ألف مرة من قناة الدنيا التي تبث أخبار القوات النظامية الباسلة وجيش سوريا “حامي الديار” الذي يقصف المدنيين ويذبح الآمنين ولا يتوان عن إبادة نصف الشعب حتى يحكم بشار الأسد النصف الآخر، فهذه القناة التي تحولت إلى فضائية “سما” بعد منع بثها بالإسم الأول، لا تمتنع عن استفزاز المشاهدين، الأحياء منهم والأموات، حين تخصّص في برنامجها الصباحي فقرة تتعلق بتزيين البيوت بالنباتات، أو بشرح بعض الإيتيكيت المتعلق بمجالسة الضيوف!!

من يشاهد تغطية قناة الجزيرة في حصادها الإخباري ليوم 13 أكتوبر الفارط مثلا، سيتابع التقارير التالية: قصف جوي لقوات الأسد على مدينة دير الزور.. دماء وجثث معظمها لأطفال ونساء، ثم تقرير عن حلب ومداخلة لمراسل الجزيرة في باكستان أحمد زيدان وهو ينقل، دون أن يتحقق، ما يزعم أنها اتهامات “مؤكدة” لشيوخ الجامع الأموي في حلب، حين يبررون رفعهم السلاح وتركهم العبادة بمقاومة جنود الأسد والشبيحة الذين رفعوا صورة الرئيس السوري داخل المسجد وقاموا بشرب الخمر وحتى ممارسة الدعارة في بيت الله!

هل من المعقول أن شبيحة الدكتاتور، وليس الدكتور، الأسد وجنوده، وجدوا وقتا كافيا لممارسة الدعارة في ظل القصف المستمر والملاحقة المستميتة للثوار؟!

ثم أليس عيبا أن ينحدر مستوى الثورة السورية إلى هذه الدرجة من الانحطاط، بعد شيوع أخبار عن تورط أحد قادة الكتائب في فضيحة فيديو جنسي مع إحدى العاملات في قناة العربية!

مسكين الشعب السوري حقا، فهو يجد نفسه اليوم بين فكّي كماشة، نظام مستبد قاتل، لا يتوان عن إبادته، ومعارضة مسلحة موبوءة، تقودها وجوه سياسية مصابة بالسيدا على غرار اسم رئيس مجلسها الوطني!

وبالعودة للأداء الإعلامي، وفي ظل سخرية فضائية الدنيا منا ببث مسلسلاتها وبرامجها النسائية في الديكور والموضة وكأن لا شيء يحدث في البلاد، تخصص الجزيرة أحد تقاريرها أول أمس للحديث عن أحد الثوار الشيوخ، والذي لم تمنعه الحرب عن تربية القطط وحمايتها من القصف والدمار!

نخشى أن سوريا قد ضاعت بين نسوان الدنيا وقطط الجزيرة، تماما مثلما ضاعت بين النظام المستبد والمعارضة الفاشلة!

مقالات ذات صلة