العالم
سقوط قناع سيطرة اللوبي الصهيوني على الإعلام الفرنسي

قضية الصحفي محمد قاسي تفضح ازدواجية المعايير في فرنسا

محمد مسلم
  • 2591
  • 0
أرشيف
محمد قاسي

فضحت قضية الصحفي الفرنسي من أصول جزائرية، محمد قاسي، العامل بقناة “تي في 5” العمومية الفرنسية، مدى خضوع وسائل الإعلام في فرنسا إلى “اللوبيات” الصهيونية الداعمة للكيان الغاصب في فلسطين، وذلك رغم خضوعها لقوانين تضع الحرية على رأس القيم الفرنسية.
ومنذ استضافته الضابط الصهيوني، الناطق باسم جيش الاحتلال باللغة الفرنسية، أوليفيي رافوفيتش، في الخامس عشر من الشهر المنصرم، يتعرض قاسي لتحرشات واستفزازات تعدّت كل الحدود، بدأت ببيان صادر عن القناة التي يفترض فيها الوقوف إلى جانب الصحفي، راحت تتبرأ منه بطريقة وقحة، في بيان اتهمته فيه بعدم احترام قواعد المهنة الصحفية، خلال المقابلة التي أجراها مع الضابط الصهيوني.
ولكن ماذا حدث بالضبط في الحوار الذي أجراه محمد قاسي مع ضيفه الصهيوني؟
خلال الحوار، وصف الضابط الصهيوني حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” بكل الأوصاف، مثل الإرهاب وقتل الأطفال والنساء، واتهمها حتى باقتحام المستشفيات واتخاذها مراكز لعملياتها العسكرية، فما كان من الصحفي إلا أن سأله إن كان الجيش الصهيوني يتصرف إذن مثل “حماس”؟
حينها اضطرب الضابط الصهيوني ورد على الصحفي قائلا: “بالنسبة لك، أي مستشفى يستخدم كقاعدة عسكرية، هل يبدو ذلك طبيعيا بالنسبة لك؟ أنا أطرح عليك هذا السؤال. هل ينبغي استخدام المستشفى كقاعدة عسكرية؟ الجواب هو لا، بالطبع”. وأضاف الضيف سائلا الصحفي: “هل تعرف “حماس”؟ لقد رأيت ماذا فعلوا. لقد ذبحوا الأطفال، ونزعوا أحشاء النساء، وأحرقوا الناس، وأحرقوا المنازل. هل تعتقد أنهم يتصرفون وفقا للقانون الدولي؟”
وانطلاقا مما قام به الجيش الصهيوني من قنبلة مستشفى “المعمداني” واقتحام مستشفى “الشفاء” وإخراج جميع مستشفيات قطاع غزة عن الخدمة، سأل الصحفي الضابط: “هل يمكن القول إن الجيش الصهيوني يتصرف كحماس؟”. وهنا انفعل الضابط الصهيوني: “أنت لا تتصرف الآن كصحفي، بل كشخص يتخذ موقفا سياسيا. أطلب منك القليل من الاحترام، من فضلك! ما تقوله لي هو هجوم على دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي”، غير أن الصحفي ردّ عليه بقوله: “أنا صحفي ومن حقي أن أطرح عليك أي سؤال”.
وأمام تمادي الناطق باسم الجيش الصهيوني في التهجم على الصحفي، شكر هذا الأخير محدثه بأدب وقرر وقف المقابلة، فيما بقي الضابط الصهيوني متوترا ومشدوها.
ومباشرة بعد هذه الحادثة، استعمل اللوبي الصهيوني المتغلغل بقوة في الإعلام الفرنسي نفوذه وضغط على إدارة القناة، من أجل إصدار بيان يلوم فيه الصحفي على الطريقة التي أدار بها المقابلة الصحفية، ومن بين ما توقف عنده البيان أن محمد قاسي “لم يحترم القواعد المطبقة في المقابلة الصحفية”، كما اتهم الصحفي في البيان ذاته، بأنه “شبّه أساليب عمل الجيش الصهيوني بعمل حركة “حماس”، التي تعتبرها العديد من الدول “منظمة إرهابية”.
التحرشات التي قامت بها القناة الفرنسية العمومية لم تتوقف عند البيان المخزي، على حد وصف العديد من العاملين في القناة وفي الحقل الإعلامي عموما في فرنسا، بل تعدّته إلى استدعائه لجلسة استماع على مستوى مديرية الموارد البشرية، فيما لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن الصحفي، الذي تحول إلى قضية مع مرور الوقت.
وتلقى محمد قاسي دعما من قبل الأسرة الإعلامية في فرنسا ذاتها، ومن بينهم الصحفي المستقل مراد غيشار، الذي استغرب تخلي القناة عن الصحفي بالرغم من أنه “قام بعمله بطريقة مهنية”، فيما حملت تقارير إعلامية تعرض القناة لضغوط خارجية، خاصة من القادة السياسيين، من أجل معاقبة الصحفي.
وحملت التقارير ذاتها، أن فرانسواز جولي وأنطوان جينتون، وهم مدير ونائب مدير القناة على التوالي، تلقيا مكالمات هاتفية تطالب بإقالة محمد قاسي، ويشار هنا إلى اسم الصحفي التلفزيوني آرتير، المعروف بنشاطه المؤيد للكيان الصهيوني، منذ هجوم المقاومة الفلسطينية على جيش الاحتلال الصهيوني في السابع من أكتوبر المنصرم، كرأس حربة فيما يتعرض له محمد قاسي من تحرشات.

مقالات ذات صلة