الرأي

قالها ولم يحاسبوه!

قادة بن عمار
  • 4716
  • 22

السيد فاروق قسنطيني وهو رئيس اللجنة الاستشارية الخاصة لترقية حقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية، بمعنى أنه يقبض راتبه من الخزينة العمومية وأموال الشعب، خرج هذا الأسبوع ليقول كلاما لن يحلم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ومستشاريه جميعا في قوله حتى ولو اتّحدوا، حين تحدّث عن تساقط حقوق الجزائريين في متابعة فرنسا الاستعمارية عن جرائمها بالتقادم!

قسنطيني يتحدث عن تساقط الحقوق وكأنه يتحدث عن تساقط الشعر مثلا.. دون مراعاة لسنوات من القهر والقتل والتعذيب، وهنا قد يخرج علينا أحدهم للدفاع عن المحامي قسنطيني، فيقول ضمن مرافعته: أن هذا الأخير لم يصرح إلا بما بات النظام الجزائري يخشى الحديث عنه، ذلك أن مطالب التعويض والاعتذار والاعتراف، لم تعد جزائرية في الصميم ولكنها مطالب نخشى مع مرور الوقت أن تصبح فئوية، بمعنى أنها ترتبط فقط بفئة المجاهدين وأبناء الشهداء وأراملهم وكذا العائلة الثورية عموما!

الغريب أن كل شيء بات يسقط بالتقادم في تصريحات قسنطيني، فحتى ملف المفقودين وشكاوى الأمهات الثكالى بحثا عن مصير أبنائهن خلال العشرية الحمراء يريد قسنطيني أن يدفنها بالتقادم، وأيضا بالقول أن الملف معقّد جدا، وكأن المطلوب منا تقديم ملفات سهلة للمحامي الشهير حتى لا نكلفه ما هو فوق طاقته “الاستشارية”!

ولكن هل تعرفون ما هو أكثر شيء مستفز في منصب السيد فاروق قسنطيني؟ انه الحديث عن وظيفته باعتبارها “ترقية” لحقوق الإنسان، فقد كان من الأجدر أن نطلق عليها وصف “التغطية” أو “التعمية” وليس الترقية!

قبل فترة، قال أحد الشعراء البارزين محليا، أن ما يحدث بين فرنسا والجزائر هو نوع من ممارسة الدلال ليس إلا، حتى حركة الوزير الفرنسي السابق لونغي، تدخل في هذا السياق، وليس غريبا أن تكون تصريحات قسنطيني أحد دلائل هذا الوصف أيضا، فهو حين يتحدث عن التقادم في طلب الحقوق وسقوطها بمرور السنين، يريد أن يقول للشعب “راهي أطفرت” بالرغم من أننا، والله العظيم، متأكدون تماما بأنها “طفّرت” ليس في استرجاع حقوقنا من المستعمر الفرنسي وحسب، ولكن أيضا في الحصول عليها من النظام والحكومات المتعاقبة والوزارات الخائبة، والإدارة الغائبة!

الجزائر الرسمية في الوقت الحالي، لم يعد يهمها الحصول على اعتذار فرنسي حتى، فما بالك بالتعويض، ولا يعنيها استرجاع أرشيفنا هناك، ولا مدفع بابا مرزوق الذي صدّعوا رؤوسنا بضرورة تحريره من الأسر.. واسألوا في ذلك بلخادم وأويحيى، فهما أكثر شخصين يعتقدان في الوقت الحالي أنهما يستحقان خلافة بوتفليقة في منصب الرئيس، وحتى هذا الأخير، سقطت كثير من وعوده الداخلية بالتقادم، فما بالك بمطلب الحصول على اعتذار فرنسي أو حتى على تعويض للضحايا والشعب عموما. الفرق بين هؤلاء وقسنطيني، أن هذا الأخير قالها صراحة، دون خجل تاريخي ولا حياء سياسي أو قانوني، قالها واستمر في منصبه، دون أن يحاسبه أحد، لأنهم، وبكل بساطة، يؤمنون جميعا بأقواله؟!

مقالات ذات صلة