الرأي

في تلمسان

زرت مدينة تلمسان عدة مرات، ومن طبيعة الإنسان أن يَذْبلَ حُبُّه لما تتكرّر زياراته، ولكن حبي لتلمسان يزداد ويَشِبُّ ولا يَشِيبُ.
زرت مدينة تلمسان في 9-10-11/4/2024 لمشاركة إخوتي في إحياء ذِكْرَيَيْنِ، إحداهما مجيدة هي الذكرى الثالثة والتسعون لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وذلك في 5/5/1931، هذه الجمعية المباركة التي رَمى الله –عز وجل- بها مكر فرنسا الصليبية، وهو إبعاد الجزائريين عن القرآن الكريم كما زعم الصليبي الأكبر شارل لافيجري، وقَبْرُ القرآن كما زعم الصليبي الآخر بَاتِيسْتِنيي، حاكم منطقة تبسة، فذهبا، وذهبت معهما فرنسا الصليبية المجرمة، وأقيمت مؤسسة “جامع الجزائر” حيث أسس المجرم لافيجري وَكْرَهُ الخبيث الذي سمّاه “الآباءَ البيضَ”، و”الأخواتِ البيضَ” ذَوي وذَواتِ الأعمال السوداء.
وأما الذكرى الثانية الأليمة فهي إحياء ذكرى 8 ماي 1945، التي ارتكبتها فرنسا المجرمة بجناحها الليبيرالي المتمثل في الجنرال المجرم دوغول الذي كان آنذاك رئيسا لفرنسا، وبجناحها الشيوعي المتمثل في وزير الطيران آنذاك المجرم شارل تِيُّونْ، الذي أمر الطائرات الفرنسية بقصف قُرَانَا في سطيف وخراطة وقالمة وغيرها. وهذا العمل الشنيع من ليبيراليي فرنسا وشيوعييها يؤكد ما قاله الإمام محمد البشير الإبراهيمي، وهو: “وإلى الآن لم يَرْزُقْنَا الله حاسَّة نُميِّزُ ونُفَرِّقُ بها بين فرنسيٍّ وآخر”.
لقد توزعت أنشطتنا بين مدينتي مغنية التي قضينا فيها يوما وبعض يوم، وأدَّيْنَا فريضة الجمعة في أحد مساجدها، ثم عقدنا جلسة مع أعضاء شعبتها لجمعية العلماء، تحدّثنا خلالها عن المناسبتين، وذكَّرْنَا بما تنعم به الجزائر من أمن واستقرار، وعَمَلٍ لاسْتِدْرَاك ما أضعناه في العشرية الأخيرة من جراء الفساد الذي عَمَّ الجزائر، إلى درجة أن ثلاثة رؤساء لحكومتها يوجدون الآن في السجن، إضافة إلى مسئولين آخرين مدنيين وعسكريين.
وفي صباح السبت كان الموعد في “دار الحديث” التي أسسها الإمام محمد البشير الإبراهيمي مع كرام التلمسانيين، وقد أشرف على افتتاحها الإمام عبد الحميد ابن باديس يوم 27/9/1937. وقد اعتُبِر افتتاحُها “عرسا علميا”، تحدَّتْ به جمعية العلماء فرنسا وأولياءها الذين وَالُوا أعداء الله والجزائر، فكانوا من الأخسرين أعمالا، ولخسرانُ الآخرة أكبر.
وقد عُقِدَتْ في قاعة محاضرات “دار الحديث” ندوةٌ نشَّطها كلٌّ من الأستاذ المجاهد محمد الصغير بلعلام وكاتب هذه السطور، وأَدَارها الأستاذ محمد الهاشمي عضو شعبة الجمعية، ورأسها الشيخ بن يونس آيت سالم نائب رئيس جمعية العلماء، وأنهينا نشاطنا بتدشين المقرّ الجديد لشعبة الجمعية في تلمسان الذي تبرَّع به من يؤثر الآجلة على العاجلة، وتنشيط ندوة أخرى في “النادي التاشفيني” نسبة إلى المدرسة التاشفينية التي ازدهرت في عهد الزيانيين، وقد أبى الإخوةُ في شعبة الجمعية إلا أن يكرموا الأستاذ الفاضل محمد الصالح الصديق الذي ناب عنه نجلُه جمال، والأستاذَ محمد الصغير بلعلام، وكاتبَ هذه السطور، شكر الله الجميع وأثابهم، ومزيدا من النشاط.

مقالات ذات صلة