جواهر

في بيتنا مراهق أخذناه للمصحة العقلية!

جواهر الشروق
  • 5529
  • 35
ح.م

بداية أشكر ركن جواهر على المواضيع التي يطرحها والتي تكون نابعة من عمق الحياة اليومية التي يعيشها كل الجزائريين، فهي منبر من خلاله يتقاسم القراء – من بينهم أنا – كل ما يدور في بالنا من انشغالات واهتمامات فشكراً جزيلا.

ها أنا أطرح عليكم اليوم مسألة ابن خالتي الذي يبلغ 18 سنة وهو في سن تداخلت فيه كامل التغيرات الفرمولوجية والنفسية، سيدتي أكتب لكم اليوم لأحكي لكم معاناة هذا الشاب ومعاناة أهله بالكامل.

سيدتي ابن خالتي كان ولازال يملك قدرات فكرية عالية خولت له أن يكون من بين الأوائل في الدراسة حتى وصوله السنة الثانية متوسط بدأ التراجع الدراسي ومعه التراجع الأخلاقي، إنها مرحلة المراهقة غير أن فكرة التراجع الدراسي أثرت كثيراً على الوالدين بحكم منصبهما كأستاذين في الثانوية رياضيات وفيزياء، غير أن الشاب لم يكترث لهما وراح يبالغ في تصرفاته الطائشة والتي أثرت بشكل سلبي على أخويه الصغيرين فقد أصبح مثالاً سيئا لهما، التدهور الدراسي جعل الأبوين خالي وخالتي يطلبان يد المساعدة مني بإعتبار أنني أتقن بعض المواد التي يمكن أن تساعده في رفع معدله.

بالفعل قمت على الفور بمد يد المساعدة والحمد لله بعد المد والجزر والصراع الدائم والعراك المتواصل بين الأبوين والشاب في سبيل تحصيل أعلى معدل في شهادة التعليم الأساسي أثمرت النتائج وتحصل ابن خالتي على معدل 17 وهي الفرحة التي لم تدم طويلاً.

إنها الثانوية، تغير جد ملحوظ في سلوكيات ابن خالتي، إستهتار وشغب في المنزل وعراك وشجار متواصل ..هذا ما دفع بالأبوين الى  زيارة طبيب نفسي غير أن الطبيب عجز عن حل  المشكلة ليتم بعد ذلك تحويل ابن خالتي إلى المصحة العقلية، ولكن للأسف بدون جدوى فقد عجز الطب العقلي عن تشخيص حالة ابن خالتي وقد فاتته شهادة الباكالوريا لهذا السبب.

سيدتي أرجو أن تنصحينا في كيفية التعامل مع هذه الحالة مع العلم أن الإبن الأكبر دائماً يصرح بمدى كرهه لأبيه فهو يميل لأمه، أما عن علاقاته الخارجية فهو يميل للتحدث معي لأنه يحترمني كثيراً، فبالرغم من سلوكياته الغريبة إلا أنه إنسان طيب، ابن خالتي يميل للأشخاص الطيببن أما الأشخاص الذين يحاولون أن ينصحوه بعنف يكون معهم أعنف بكثير، والمشكلة الآن أن الأخوين الصغيرين تأثرا بالحالة السيئة للأخ الأكبر فقد أصبح المنزل بيئة غير صالحة  للدراسة  ولهذا فبيت خالتي اليوم أصبح جدراناً فارغة من السعادة بسبب حالة الأبن الأكبر.

تقبلي مني فائق التقدير والإحترام

المستغيثة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد:

أهلاً بك أختي على صفحات جواهر الشروق والله أسأل أن ييسر لابن خالتك أمره وأن يعينهما – والديه – على حسن تربيته هو وأخوته وجزاك الله خيراً على الاهتمام بأمره جعله الله في ميزان حسناتك.

لا أستطيع أن أخفي رغبتي في التواصل المباشر مع والديه حتى أكون في قمة قسوتي معهما لدورهما بل كونهما سبباً رئيسياً في الحال الذي وصل إليه الشاب، فهذا يسمى التربية العمياء، بأن يقوم الآباء بتربية أبنائهم بشكل أعمى، فالتربية ليست أمراً يتم بشكل عشوائي إنما هو إنسان يقوم الآباء بتشكيله وهذا التشكيل لا يتم بشكل عشوائي بل التربية تحتاج للقراءة والدراسة المتأنية.

تعجبت وتعجبت أن يذهبوا بالشاب إلى طبيب نفسي ثم إلى مصحة عقلية فهذا كفيل بتدمير كل شيء فيه وقد يكون بحاجة لوقت ليس بالقصير لاستعادته لحالته الطبيعية.. ألم يفتح والديه كتاباً يقرأون فيه كيف يتعاملون مع المراهق! فمجنون من يقود مراهقاً – طبيعياً مثل هذا الشاب – إلى مصحة عقلية، لا أستطيع أن استوعب الأمر بصراحة.

هذا الشاب يا أختي طبيعي جداً وهذه طبيعة المرحلة وقد كتبت عدة مقالات بهذا الشأن أتمنى أن ترجعي إليها على هذه الروابط:

– ابنك المراهق سوء تربية أو سوء فهم

http://jawahir.echoroukonline.com/articles/1418.html

–  ابني المراهق سيصيبني بالجنون

http://jawahir.echoroukonline.com/articles/420.html

المراهقة وترويض العاصفة

http://jawahir.echoroukonline.com/articles/420.html

 الشاب يمر بالحالة الطبيعة في هذا السن ولم يجد من يحتويه ويصادقه من أهله ووالديه، ونظروا إليه نظره المريض النفسي المجنون، فزاد الأمر تعقيداً لديه فولد نوع من الكره والعناد فهو يشعر أنهم يقولون أني مريض نفسي فسوف أريهم هذا بحق.

التعليم والتفوق ليس كل شيء في حياة المراهق، إن لم يتم الإحتواء وحل مشكلاته والتعامل معه برفق وإحترام وتقدير سوف يصل للمرحلة التي تتحدثين عنها، والآن كيف نتصرف؟؟

على الوالدين – وهما سبب المشكلة – تناسي أمر الدراسة الآن والتحدث مع الشاب أن الدراسة ليست نهاية الحياة بل عليه أن يثبت ذاته في عمل مهني يتقنه، وأن يتحدثوا معه عن نجاحه في السابق، عليهم أن يخترعوا المواقف التي تجعله يبدو ناجحاً ليخبرونه أنهم فخورين به، بالتأكيد الهدم في شخصية الشاب لمدة 18 عام، لن يتغير ما بين يوم وليلة لذلك هم بحاجة لوقت وطولة بال.

عليهم أن يتحدثوا معه أنه الأخ الأكبر، عليهم أن يحملوه بعض المسئوليات، أن يذاكر لأخوته وأن يرعاهم، عليه أن يشعر بأهميته لدى والديه، على الأب أن يتعامل معه كصديق وليس كعدو يسعى لكسره وجعله تحت طوعه، ولا مانع أن يعترف الوالدين أنهم أخطئوا التصرف.

أرفض تماماً فكرة أن يتقرب إليك – لم تخبريني عمرك – لكن هو شاب في عمر المراهقة وليس صغيراً ويفتقد للحب والتقدير من الأهل، وإن وجد قلباً حنوناً خاصة من الجنس الآخر قد ينقلب الأمر بشكل لا نريده وفي النهاية هو يحتاج لصديق صدوق ولا صداقة بين شاب وفتاة تحت أي ظرف من الظروف، كوني معه عن بعد وفي وجود الأهل، لكن لا تجعلي بينكما أسرار.

لا مانع أن تطلبي منه التواصل معنا في أي مشكلات تواجهه فقد نكون البديل عنكِ بإذن الله في رعايته.

تمنياتي له بصلاح الحال.. وتابعيني بالأخبار.

لمراسلتنا بالاستشارات:

fadhfadhajawahir@gmail.com

مقالات ذات صلة