الرأي

في الشارع.. من أجل فلسطين!

قادة بن عمار
  • 3890
  • 13

من المقرّر أن يخرج الجزائريون إلى الشارع اليوم من أجل التعبير عن مساندتهم المطلقة لغزة الجريحة، ومقاومتها الصامدة الباسلة في وجه العدوان الصهيوني المجرم.. ولعل في الموافقة الرسمية المتأخرة “مع كثير من التحفظات الأمنية غير المبررة” إنقاذا لبعضٍ من “حمرة الخجل” التي اعتقدنا أنها اختفت تماما عن السلطة، فلم تعد هذه الأخيرة، تشعر بحرج أو استحياء وهي ترى عواصم غربية، تخرج الجماهير فيها بالملايين في الوقت الذي تقمع فيه الحكومة عندنا “إرادة شعبها” في الداخل، وتخشى مسيراته أو حتى اعتصاماته.. مستمرة في رفع شعار: “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” على الورق فقط!!

لا يوجد أفضل من وصف  مشلولةيمكن أن نطلقه على الدبلوماسية الجزائرية في الوقت الراهن. صحيح أن وزير الخارجية رمطان لعمامرة، لم يحظ أيّ وزير قبله بهذا الرصيد من الاحترام شعبيا وسياسيا، ربما لأن اسمه لم يتورط في أيّ قضية فساد أو اصطفاف لا أخلاقي مع زمر الحكم المتناحرة منذ سنوات.. لكن هل يعد هذا الأمر كافيا؟!

يرمي لعمامرة بثقله كاملا في جولات الحوار بين الأطراف المتصارعة في مالي، المنعقدة بالجزائر حاليا، وهو يسابق الزمن للتوصل إلى اتفاق يرفع من خلاله أسهم الجزائر دبلوماسيا وسياسيا، ناهيك عن فوائده الأمنية التي لا يختلف عليها اثنان، لكن الشارع الجزائري ينتظر تحركا من دولته إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون من قتل وتدمير وإبادة جماعية في قطاع غزة، حيث ظهر صوت الجزائر خافتا مبحوحاعلى غير العادة، وبدا أن الدولة التي ترفع ضمن عقيدتها الدبلوماسية مبدأ مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وافقت هذه المرة على أن تقاد لا أن تقود، وقبلت أن تحوّل المبدأ المذكور آنفا إلى مجرد شعار يمكن التنازل عنه واقعيا مع استمرار استعماله بشكل مفرط وفج إعلاميا ورسميا.

الجزائر وافقت على المبادرة المصرية، ووقعت عليها في إطار جامعة الدول العربية.. هذا الكيان الميت المهمل المتعفن.. ولم تبد أي ردّة فعل بعدما ظهر أن وزير خارجية مصر كذب على الجميعحين قال إنه شاور المقاومة بخصوص بنودها، قبل أن يتضح العكس تماما، ومع مواصلة القاهرة الاستماتة في الدفاع عن مبادرتها اللقيطةوالاستعانة بالتأييد الأمريكي لها، ضمن معركة عضّ الأصابع بينها من جهة، وبين قطر وتركيا من جهة ثانية، لا نجد مبررا واحدا يجعل الجزائر حتى الآن مستمتعة بكونها مجرد رقم إضافيأو صفر على الشمالحيث لا تأثير ولا تأثر، بل إنها لم تستقبل أيّ ممثل عن الفصائل الفلسطينية، لا من سلطة رام الله ولا من مقاومة غزة.

الغياب الجزائري الرسمي عن اتخاذ موقف مشرّف ومؤثر، يُرجعه البعض إلى الحالة الصحية التي يوجد عليها الرئيس بوتفليقة، خصوصا عندما نعلم طبعه الشخصي الحادفي رفض تدخل أي طرف، مهما كان، في تسيير ملفات الدبلوماسية، وهنالك العديد من الشواهد التي تؤكد ذلك، لا مجال لتعدادها الآن.. لكن ذلك ليس مبررا مقنعا، لسلطة وجدت وقتا لاستقبال الرئيس المصري المختلف حول شرعيته، ثم رمت بثقلها رافعة عنه الحصار في الاتحاد الإفريقي، قبل أن توافق على لعب دور دركيالمنطقة في ليبيا وتونس، وربما مالي.. ووسط كل هذا، لم تجد وقتا لفلسطين.. وما أدارك ما فلسطين.

مقالات ذات صلة