رياضة

فقير.. لا أهلا ولا سهلا

قادة بن عمار
  • 16447
  • 82

الطريقة “السخيفة” التي يتعامل بها بعض الإعلام مع قرار اللاعب نبيل فقير، والحديث “السامط” و”المتكرّر” عمّا إذا كان سيلعب للفريق الجزائري أم الفرنسي، تمنحنا انطباعا أن البلد برمته بات رهينة قرار لاعب واحد أو شخص لا أحد يعرفه.. شخص مجهول، حولته الكرة، من شاب “تافه” ربما، لا تؤثر قراراته حتى في عائلته إلى شاب “مهم جدا” يملك السلطة على بلد بحجم الجزائر.

لقد صور لنا الإعلامُ الأمر على أنه بمجرد موافقة نبيل فقير على حمل الألوان الوطنية، سنحصل على كل الألقاب والكؤوس والتتويجات.

المسألة تشبه تماما حالةالهرج والمرجالتي مارسها الإعلام الوطني عموما، والرياضي تحديدا، قبل إقناع اللاعب إسحاق بلفوضيل على اللعب لصالح الفريق الوطني، حيث قرأنا بورتريهات تافهة بعناوين سخيفة على غرار: “بلفوضيل يصوم ويصلي، ويحب الجزائروبلفوضيل يأكل الدوبارة، ويعشق الشخشوخة، ويستمع لأغاني عمر الزاهي ويحب الممثل محمد عجايميوبلفوضيل كان يحلم بأن يصبح مثل ماجر، ويتمنى أن تحيي عرسه الفنانة الأيقونة.. نعيمة الدزيرية أو فلة عبابسة.. صاحبة الجملة الشهيرة (كاس إفريقيا نتاع لالمان).. بلفوضيل لا ينام الليل حتى يشاهدمعركة الجزائرويبكي شوية على علي لابوانت ويحلم بأن يموت على طريقة سيد علي كويرات في فيلم.. علي موت واقف!

بمعنى أن البعض اختزلوا الوطنية في الدوبارة، والشخشوخة وماجر ونعيمة عبابسة ومحمد عجايمي.. دون أن يدركوا أن الشخص الذي يرفض وطنه ويكفر بأصله، هو شخصٌ منبوذ.. لا يجب الحديث عنه.. ولا إعطاؤه كل هذه القيمة حتى وإن اختار اللاعب فقير غدا أن يلعب للجزائر، فهو لا يستحق كل هذا التعظيم والتبجيل والتفخيم.. فمجرد طرحه البلد كخيار ثان، يجعلنا نشكك أصلا في وطنيته.

لو كان المسؤولون الجزائريون يتمتعون بالوطنية أصلا، لتركوا هذا الـفقيرحتى اختيار الجزائر بعد تفكير طويلثم قالوا له وعلى الهاتف، أو كلفوا مسؤولا من الدرجة العاشرة ليخبره.. أن البلد لم يعد بحاجة إليه، وأنه قرر اختيار اللاعب بلايلي خلفا له.

ونورد اسم بلايلي هنا كمثال فقط، للاعب المحليالمحڤور“.. وللشاب الجزائري عموما، الذي يصبر ويقدّم كل شيء ويقنع الجميع بمستواه ولا يبحث سوى عن ربع فرصة لإثبات نفسه وتبيان جدارته، لكنه لا يحصل عليها بسبب سيطرة  الأنانيشوالفقاقير الجددعلى منصبه ومكانته وسرقة حقه والاستيلاء على حظه.. وذاكرة الجزائريين لا يمكنها أن تنسى مثلا ماذا فعلوا داخل الفريق الوطني بلاعب اسمه جابو.. فقط لأنه ليس من الطبقةالهايوحزبفافاوأصحاب التوصية..

 

الأمر لا يقتصر بالمناسبة على الرياضة أو كرة القدم، بل قد تكون هذه الأخيرة، أقلّ مجال تحدث فيه مثل هذه الجرائم المسماة محسوبيةوبني عميس، بل إننا قد نجد في قطاعات أخرى ما هو أبشع مما ذكرنا، ونصادف من هو أكثر تعرضا للظلم من بلايلي وجابو، كما قد نعثر على أشباه فقير، أكثر مما نتصور.. هؤلاء الذين يصلح معهم المثل الشعبي القائل: “أنا بالخبز لفمو وهو بالعود لعينيا“!

مقالات ذات صلة