“فضيحتنا” في شرم الشيخ !
![“فضيحتنا” في شرم الشيخ !](https://i.dzs.cloud/echoroukonline.com/placeholder.png?resize=790,444.375)
الشكل الذي ظهرت عليه الجزائر في القمة العربية الأخيرة بشرم الشيخ، كان شكلا مخزيا، حيث تم ترك البلاد وكلمة ممثلها، عبد القادر بن صالح حتى موعد متأخر من المساء، بعد مغادرة الجميع واستمرار عدد من المستشارين في تمثيل دولهم، لتأتي الكلمة، مليئة بالشكر لقطر والكويت والسعودية ومصر، دون إبداء الجزائر لموقفها ومكانتها، بل حرص كاتب الخطاب على أن يجامل ويهادن ويداهن وينافق “أصحاب الفخامة والجلالة والسمو” بشكل مبالغ فيه وكأن الجزائر ليست فاعلا أساسيا في المنطقة وإنما مجرد مفعول فيه !
صحيح أنه في مثل هذه المواقف والقمم “الوضيعة” لا يجوز سوى ممارسة النفاق والمجاملات، وإبداء التشكّرات بسبب أو بدونه، إلا أن الجزائر أخفقت في إظهار موقفها المتباين من محور “الحرب” ضد اليمن، لدول كانت بالأمس القريب تشكّل محور الاعتدال حين تعلق الأمر بالكيان الصهيوني؟ !
تراهن الجزائر على “الحوار السياسي” دون استئصال أيّ طرف داخل اليمن، على اعتبار أن البعض يطلب منا موافقة السعودية على حربها فقط لأنها “زعيمة السنّة في المنطقة“، ومواجهة الحوثيين داخل اليمن، فقط لأنهم شيعة يأتمرون بتعليمات طهران، وهو عامل وإن بدا قويا وبارزا في السنوات الماضية، بفعل النفخ في الطائفية بشكل متزايد، إلا أنه لا يعد كافيا لدعم طرف ضد آخر في حرب يسقط فيها أبرياء من الطرفين…ثم أليس مجحفا المشاركة في حرب تخيّر اليمنيين البسطاء الطيبين، بين أن تحكمهم دمية إيران أو دمية السعوديين؟!
إيران “ظالمة” و“بلطجية” صحيح، لكن السعودية ومن معها في دول التعاون الخليجي ليست أقل ظلما وبلطجة في بعض المناطق والساحات، والمثير للحسرة والأسف، أن الجزائر لم تتمكن في ظل هذا الاستقطاب الشديد من البروز بموقفها الصحيح، بل فشلت في تسويقه بقمة شرم الشيخ الأخيرة..بدليل أن وزير خارجيتنا رمطان لعمامرة، قال إنه ضد الحرب في اليمن، لكن الجزائر لا يمكنها الخروج عن رأي الجماعة !! (ثم قال إنه يريد الحوار السياسي لكنه لا ينتقد موقف الخليجيين ومعهم المصريين والمغاربة حين يتجاوزون الحوار للبدء في تنفيذ غارات جوية مثلا) !..
مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، وهو الجزائري أحمد بن حلي، كشف في أحد حواراته، أن الدولة الوحيدة التي بقيت متحفظة على حرب السعودية في اليمن، هي العراق، بعد أن تخلت لبنان عن موقفها بـ“النأي بالنفس“، لتؤيد ما قام به “التحالف” في ظل تردد سلطنة عمان، أما الجزائر، فلم يأت ذكرها أصلا على لسان أحمد بن حلي سوى للقول إنها (مع الجماعة) !!، ليفضحنا بذلك من حيث يدري أو لا يدري، حين قدمنا على أننا نقول شيئا في الإعلام ثم نبدي غيره في الجلسات المغلقة!
وهنا.. لابد من فتح قوس، للقول، إن جميع ما يقوم به أحمد بن حلي في مداهنة الزعامات الخليجية، لم يخرج عليه بأي فائدة، بدليل أنه لم يحصل على منصب الأمين العام لجماعة الدول العربية (رغم أنه..وللأمانة.. أكثر شخص يستحقه..) ربما لأن الجزائر لم يعد لها ثقل، ولا دور أو مكانة، أو ربما لأن المنصب بات رهينة تنافس مصري قطري بالأساس، علما أننا لا نقول ذلك حبّا في بن حلي، ولا في المنصب، لكن للاستدلال على مدى الضعف الذي باتت تتخبط فيه الجزائر، رغم مساحتها ومؤهلاتها وثقلها التاريخي والجغرافي والبشري !
الوفد الجزائري في شرم الشيخ، كان “بائسا” وظهرنا يتامى بوجود بن صالح وعمارة بن يونس، والسفير النذير العرباوي في تمثيلنا، والواقع أننا لم “نغب” فقط من حيث المضمون وإبداء الموقف الحاسم، لكننا غبنا من حيث الشكل أيضا، ولمن لا يصدق، عليه أن يشاهد تلك اللقاءات الثنائية “القليلة” التي قام بها الوفد الجزائري، والتي ظهرنا من خلالها..وكأننا نستجدي الأمراء والزعماء والمسؤولين أن يلتقطوا معنا الصور، في تراجع دبلوماسي شديد، لا يمكن محو آثاره السيئة سوى بتقوية الداخل لاستعادة “وهج” الخارج !!