العالم
موازاة مع استهداف ومنع أي تضامن مع الفلسطينيين

فرنسا تنزلق بسرعة نحو ممارسة عنصرية الدولة تجاه المسلمين

محمد مسلم
  • 1425
  • 0
أرشيف

كشف العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة عن وجود أزمة في المجتمع الفرنسي، فجرتها الأوساط السياسية والإعلامية في هذا البلد، والمتمثلة في انقسام حاد بات يهدد استقرار فرنسا التي يبدو أنها لم تعد تعترف بالتنوع العرقي والديني، بوجود نحو عشرة ملايين مسلم يقيمون على التراب الفرنسي.
الوضع أصبح مقلقا بشكل كبير، وتجلى ذلك من خلال الهجمة التي يتعرض لها اللاعب الفرانكو جزائري، كريم بن زيمة، الذي عبر عن دعمه للشعب الفلسطيني في ظل العدوان الصهيوني الغاشم الذي يتعرض له، وكذا قضية اللاعب الجزائري، يوسف عطال، الذي يتعرض بدوره لحملة عنصرية من قبل السلطات الرياضية في المستعمرة السابقة، مدعومة بحملة إعلامية مضللة تفتقد للأخلاق المهنية.
ما صدر من حقد وكراهية تجاه المسلمين من قبل بعض الوجوه التي تنتمي إلى اليمين المتطرف، في صورة اليهودي الصهيوني، إيريك زمور، وزعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية (التجمع الوطني حاليا)، مارين لوبان، كان منتظرا بالنظر لمواقفهم السابقة المعروفة، غير أن المثير هو ركوب هذه الموجة من قبل سياسي فرنسي كان يعتبر إلى وقت قريب، رجلا متزن المواقف ومعتدلا، في صورة الوزير الأول ووزير الخارجية الأسبق، ألان جوبي، المحسوب على التيار الديغولي.
ويعتبر التيار الديغولي، نسبة إلى الجنرال شارل دي غول، مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، توجه سياسي معتدل يتموقع بين اليمين واليسار، ويحافظ على مسافة واحدة نسبيا بين العرب والكيان الصهيوني، ويرفض الذوبان في الموقف الغربي الداعم من دون شروط لهذا الكيان في النزاع الدائر بين العرب وتل أبيب.
ألان جوبي تساءل عن وجود شكل من أشكال الإسلام يتوافق مع الجمهورية (الفرنسية)، ثم لم يلبث أن صرح قائلا: “ما زلت أريد أن أصدق ذلك، لأنه إذا كان الجواب لا على هذا السؤال، فهذا يعني أن هناك ما بين 4 إلى 5 ملايين مسلم فرنسي ليس لهم مكان هنا”، مضيفا: “لا يمكننا قبول ذلك”، وذلك وفق ما جاء في حوار خص به المحطة الإذاعية “راديو جويف”، أو الإذاعة اليهودية.
ويسعى رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق في عهد الرئيس السابق جاك شيراك، إلى تنميط المسلمين في فرنسا عنوة، بأن يجعلوا من أنفسهم جميعا نسخة مكررة بداعي الاندماج في المجتمع الفرنسية اللائكي، أو كما قال: “الأمر متروك للمسلمين ليقولوا: نحن مستعدون لاحترام العلمانية. إنها حرية التعبير، وحرية الدين، وممارسة الفرد لدينه أو عدم ممارسته. ولكن في الوقت نفسه، يعني ذلك أن الدين لا يفرض قانونه في المجال العام”.
ما قاله هذا السياسي الذي تقلد مناصب سامية في الدولة الفرنسية، صدم الكثير من السياسيين في هذا البلد، لكون ألان جوبي ليس معهودا عنه ترديد مثل هذه المواقف المتطرفة، ومن بين هؤلاء النائب عن حزب البيئة، ساندرين روسو، التي وصفت هذه التعليقات بأنها معادية للإسلام. وغردت روسو في منصة “إكس” أو “تويتر” سابقا قائلة: “هذه التعليقات غير مقبولة. الإسلاموفوبيا ليس لها مكان في الجمهورية الفرنسية”.
وتأتي تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي السابق في وقت تشهد الساحة السياسية والإعلامية في فرنسا حملة مركزة ضد الجالية المسلمة في هذا البلد، بهدف منعها من إبداء تضامنها مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض منذ أزيد من أسبوعين لحرب إبادة يتولاها جيش الاحتلال الصهيوني في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، وهو مؤشر خطير نحو انزلاق السلطات الفرنسية باتجاه ممارسة عنصرية الدولة بحق ما يزيد عن عشرة ملايين مسلم في هذا البلد، الذي لا يزال يرفض الكشف عن الرقم الحقيقي لعدد الجالية المسلمة، حتى لا يعطيها حقوقها المكفولة دستوريا بشكل كامل.

مقالات ذات صلة